اختلف مؤتمر ميونخ للأمن هذا العام عن كافة مؤتمراته السابقة منذ انطلاقته في العام ١٩٦٣. فقط ركز على القضايا والتحديات التي تواجه الغرب خاصة والعالم عامة ومنها انتشار مرض كورونا وتأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الأمن والسياسة. فقد عقد اللقاء في ١٤-١٦ فبراير ٢٠٢٠ بمشاركة ٥٠٠ من صناع القرار، منهم ٣٠ رئيس دولة وحكومة و٨٠ وزيراً للدفاع والخارجية.
ومن المهم في هذا السياق النظر إلى شعار مؤتمر هذا العام: «أفول التأثير الغربي» (Westlessness) ما يشير إلى تراجع دور الغرب لانشغال كل دولة بمشاكلها الخاصة. فبحضور الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الكندي جستن ترودو والرئيس الألماني فرانك شتاينماير كان التركيز منصباً على شكل العالم وآلية التواصل فيه ومدى تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الفكر والسياسة والاقتصاد والصراع في العالم.
كان المؤتمر على قدر من الأهمية لتركيزه على ما يهدد الغرب بدءاً من الشعبوية إلى الأمراض المنتشرة حالياً إلى الأمن والسياسة. وكان جُل التركيز على دور الفيسبوك ووسائل التواصل الاجتماعي التي باتت الأكثر حضوراً وتأثيراً في عالم اليوم.
ومن أبرز المحاور التي تصدرت أجندة المؤتمر هذا العام، قضايا النظام الليبرالي الدولي، ودفاع الاتحاد الأوروبي عن نفسه، والخلافات التجارية العالمية وخاصة بين الصين والولايات المتحدة وأثرها على النظام العالمي، والتغير المناخي، والأمن السيبراني، والتنافس الاقتصادي والتكنولوجي بين الدول العظمى ونتائجه المحتملة. كما ناقش المشاركون أيضاً قضايا أمنية تتعلق بالصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية.
يبدو أن المؤتمر قد مهد لتبني خريطة جديدة لنظام عالمي جديد تصبح أوروبا من خلاله ذات تأثير وشريك أساس ولاعب مهم في التوازن العالمي إلى جانب الولايات المتحدة بعد أن توجه معظم التركيز إلى الصين وفيروس كورونا على اعتبار أن العالم اليوم عليه أن يقف يداً واحدة لحل المشاكل العالمية ومنها الصحية. وهذا لا يعني التخلي عن التنسيق التكنولوجي. تحدث مارك زوكربيرغ، مؤسس فيسبوك، عن الطريقة التي أدت بها إمبراطوريته الرقمية إلى قلب الفكر السياسي. وتحدث وزيرا الخارجية الصيني والأميركي عن قضايا مهمة منها المناخ وتنظيم العالم الرقمي وقضايا الشرق الأوسط وأفريقيا ومنطقة البلقان، وأوروبا الشرقية والتجارة والهجرة والطاقة والإنترنت في إشارة من الجميع إلى أن السباق القادم سيكون في هذه المجالات وفي هذه المناطق.
كان لقاء ميونخ هذا العام هو الأهم في تقديري نظراً لاتساع رقعة المشاركة وارتفاع سقف الحوار مع التركيز على أن مستقبل العالم كان في السابق بأيدي المنظومة الدولية واليوم ومع تراجع دور الغرب والولايات المتحدة بات العالم يشعر أكثر بالإحباط لعجز الجميع عن إيجاد حلول للأزمات والقضايا العالقة ومنها الوضع الراهن في سوريا وليبيا واليمن. وركز المشاركون على أن الأهم اليوم هو قضايا الأمن والإرهاب.