كتاب

غياب النواب عن جلسات المجلس

أشار تقرير «راصد» الذي صدر قبل أيام إلى أن هناك عددا من النواب قد تغيبوا بشكل لافت عن جلسات المجلس في السنة الثالثة من عمره. وهذا ما يدفعنا إلى البحث في فعالية النصوص القانونية التي تحكم سير العمل داخل المجلس النيابي، فنجد بأن المادة (84/1) من الدستور تنص على أن تعتبر جلسات مجلس النواب قانونية بحضور الأغلبية المطلقة من أعضاء المجلس. وهذا النص قد تمت إضافته بموجب التعديلات الدستورية في عام 2011، حيث كان الحكم السابق في الدستور قبل تعديله يقضي بالقول أنه يشترط لانعقاد جلسة مجلس النواب بصورة قانونية أن يحضرها?ثلثا أعضاء المجلس.

إن حقيقة ما قام به المشرع الدستوري في عام 2011 أنه قد خفض من النصاب القانوني لجلسات مجلس النواب، بحيث أصبح يشترط لافتتاح الجلسة حضور (66) نائبا فقط، في الوقت الذي كان النص الدستوري قبل التعديل يشترط لاعتبار جلسة مجلس النواب قانونية حضور أكثر من (86) نائبا. فبدلا من أن يعالج المشرع الدستوري ظاهرة تكرار غياب النواب عن جلسات المجلس من خلال التشدد في النصاب القانوني، نجده يكافئ الأعضاء الذين يتغيبون دون عذر مقبول بأن قام بتخفيض النصاب القانوني لجلسات المجلس.

إن لهذا التخفيض في عدد النواب الذين يشترط حضورهم لاعتبار جلسات المجلس قانونية تبعات دستورية على القرارات التي تصدر عن المجلس عند ممارسته لوظيفته التشريعية والرقابية. فبموجب المادة (84/2) من الدستور، فإن قرارات مجلس النواب تصدر بأكثرية أصوات الأعضاء الحاضرين ما عدا الرئيس. بالتالي، فإذا ما تم احتساب الأكثرية الحاضرة من النواب من الأغلبية المطلقة لأعضاء المجلس، فإن القرارات الصادرة عن المجلس ستكون بمشاركة وتصويت عدد قليل جدا من النواب إذا ما قورن بالعدد الكلي لأعضاء المجلس النيابي.

وإلى جانب الدستور، فقد أورد النظام الداخلي لمجلس النواب نصوصا وأحكاما تتعلق بضرورة التزام النواب بحضور الجلسات، إلا أنها بحاجة إلى تطبيق فعلي وحقيقي على أرض الواقع. فالمادة (155) من النظام الداخلي تحظر على النائب أن يتغيب عن أي من جلسات المجلس إلا إذا أخطر الرئيس بذلك مع بيان العذر، وأنه إذا تغيب النائب دون عذر عن جلسات المجلس ثلاث مرات متتالية أو عشر مرات متفرقة خلال الدورة العادية فإنه يحرم من المشاركات الخارجية خلال تلك الدورة أو التي تليها. كما ينص النظام الداخلي على حسم المخصصات المالية للجلسات التي ي?غيب عنها النائب دون عذر من مستحقاته الشهرية.

إن المكتب الدائم لمجلس النواب مدعو إلى تفعيل النص السابق المتمثل بحرمان العضو الذي يتغيب عن الجلسات دون عذر من مخصصاته المالية. كما يمكن تقديم مقترح جديد مفاده أن يتم نشر خبر تغيب النائب عن جلسات المجلس في دائرته الانتخابية وذلك لغايات التأثير سلبا على صورته أمام جمهور ناخبيه.

laith@lawyer.com

* أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية