عبدالهادي راجي المجالي
... أتابع مسلسل أم الكروم، وقد أبدع فيه الفنان خليل مصطفى الذي جسد دور جبر، وأبدع أيضاً مخلد الزيودي الذي صاغ أحداث هذا المسلسل باحتراف.. لكن ثمة ملاحظة يجب أن تطرق عن هذا العمل وهي الموسيقى التصويرية التي قدمها نصر الزعبي...
نصر ليس مطرباً، يقف على منصة ويطلق بعض الأغاني، وليس عازف «عود» مهووساً بالشهرة، ولكني أجزم أنه أهم باحث في التراث الغنائي الأردني، فهو يحفظ تفاصيله من العقبة وحتى آخر نقطة في الرمثا.
حين تجلس معه يحدثك عن البدو ويخبرك أن «الربابة» حتى وإن كانت بوتر واحد ليست فقيرة، بل هي انعكاس الروح التي روضت الصحراء... يخبرك عن حوران وموسم الحصاد وأغانيه، يخبرك عن الغزو وتفاصيله وكيف كانت القصيدة تلحن على ألسنة النساء.. يخبرك عن الممالك التي مرت على الأردن، وكيف أن هذا الشعب تمثل أخلاق الملوك، فهو لم يحكم من جلاد ولا مستبد.. وظل الغناء على لسانه، رواية تحكي سيرته وكفاحه، في هذه الأرض.
في هذه المرحلة ونحن نتحدث عن الهوية، أجزم أن شخصاً مثل نصر الزعبي يشكل مرجعية مهمة في قراءة تاريخ البلد، وأجزم أن توظيفه بمشروع تراثي أهم بكثير مما ننتجه من محاولات بائسة، في إبراز الأردن.. ودوره، وإنتاج ندوات تنظمها وزارة الثقافة يقتصر الحضور فيها على (6) أشخاص ووزير.
أنا لا أتحدث من قبيل الانحياز لأخ وصديق، ولكني أتحدث من قبيل إبراز موسوعة تراثية خطيرة ومهمة، فأم الكروم حين صاغها مخلد الزيودي وكتب حلقاتها.. كان جالساً مع صديقه نصر الزعبي، كان يكتب التفاصيل ونصر.. هو الآخر كان يلقحها ويضيف عليها عبر أوتار عوده النبيل.
كلما شاهدت أم الكروم، أحسست بعود نصر الزعبي.. يروي الروح من جديد.. كأن أقدارنا واحدة يا صديق، وهي أن نركن في الرفوف.. العالية.
[email protected]