د. فيصل غرايبة
يشغل المركز المجتمعي المسكوني والمسمى(الخيمة)، الطابق الأرضى في مبنى الكنيسة اللوثرية، الذي يقع في منطقة ام السماق الشمالي بالقرب من مبنى البلدية الخاصة بتلك المنطقة. ورغم ان مبنى هذا المركز لا يبرز تماما من جميع جنباتها فوق مستوى الشارع، الا أنه ما يزال صاعدا في عطائه الثقافي والاجتماعي في أفاق عمان الفكرية، حتى احتل مرتبة متقدمة معروفة ومشهورة بين المعنيين بالشأن الثقافي والمتابعين لأنشطة المراكز المعنية بهذا الشأن في العاصمة الأردنية، فهو يحافظ على دعوة المواطنين للاستماع ومناقشة أحد الموضوعات اللافتة والمشغلة للأذهان على الساحة الأردنية اقتصادية أو تربوية أو اجتماعية أو نفسية أو صحية، وذلك بهدف الاسهام في تحليل مختلف الظواهر الاجتماعية والمواقف الأسرية والمسائل التربوية والمشكلات النفسية والظروف الاقتصادية. هذا بالاضافة الى ايجاد لغة مشتركة للعيش المشترك على هذه الأرض الطيبة، وفي هذا المجتمع المنسجم والبلد المتماسك، بين مختلف شرائح المجتمع وطبقاته وقطاعاته، من غير فئوية ولا تفتيت، ومن غير انعزالية او انزواء، ما دام الجميع قد اتفقوا وتوافقوا على الايمان بالله عز وجل والاخلاص للوطن الأعز والولاء للعرش الهاشمي الأغر.
لقد كان القس سامر عازر راعي الكنيسية اللوترية ورئيس المركز المجتمعي المسكوني(الخيمة) وراء كل المنجزات ومحركاً لجميع النشاطات، داعيا المفكرين والخبراء والعلماء والحكماء،الى المركز العتيد، كل في اختصاصه، وبما لديه من دراية وتعمق وحكمة في المجال والموضوع الذي دعي للحديث فيه، ولمحاورة المهتمين الذين يفدون الى المركز مساء كل سبت، وربما في مواعيد طارئة أخرى، وآخرها للحديث عن شخصية الملك الحسين بن طلال (أبو عبدالله) رحمه الله بمناسبة ذكرى يوم مولده الميمون، واستمر البناء وتواصل العطاء في العهد الهاشمي الرابع بقيادة نجله الأكبر جلالة الملك عبد االله الثاني سدد الله خطاه. هذا عدا عن عقد الصالون الثقافي الاسبوعي مساء الأربعاء، ليتحدث فيه واحد من نخبة مختارة ومهتمة بقضايا الفكر والثقافة والتربية والعلوم في موضوع فريد وممتع. وقد أفسح لهم رئيس هذا المركز وبما أتاحه لأبناء الطائفة خاصة والمهتمين من المواطنين، من الاستماع اليه ومناقشته بكل حرية وتلقائية، هذا عدا عن الاحتفال بالمناسبات وتكريم المتميزين وابراز جهود المبدعين في المعارض والصالونات والحفلات.
ولكن رواد هذا المركز والمتعاونين مع رئيسه ومحبيه قد فوجئوا وهم يتلقون نبأ انتقال القس عازر الى مدينة القدس - وان كانت القدس غالية والعمل فيها شرف - وبشيء من عدم الارتياح حتى لا يحرمون من ادارته الفذة لهذا المركز وتعامله اللبق مع النخبة المثقفة في المملكة وعلى هذا المنوال الحيوي الدافق والناشط لخدمة الوطن والمواطن، حتى وان كان لن يتوانى هذا الانسان عن خدمة الانسان الفلسطيني والمواطن المقدسي، من موقعه المقرر،على هذا النحو، ولكن عمان الثقافة لا يسرها ان تحرم من قدراته او أن يغادرها على حين غرة، وهي بحاجة لعطائه.