ويستذكر التقرير تاريخ الانقلاب الذي قام به عميل أميركي سري في إيران في تغيير نظام محمد مصدق عن طريق العمل السري الذي ساهم في الإطاحة بالنظام وتنصيب آخر موالٍ للغرب. ويعني ذلك أن تقوم الدول الكبرى عبر استخباراتها بتأليب الرأي العام ضد الحكومات التي تنوي الأجهزة الاستخباراتية التخلص من قيادات تلك الدول عبر عمليات يطلق عليها: «تغيير النظام وتحقيق الأحلام عبر رسم الأوهام». وهنا يلزم ممارسة المزيد من الغطرسة السياسية والضغط على الدول المعنية للتنازل المطلوب وإلا فإن باب التغيير امر حتمي.
ولا يمكن تحقيق تلك التغييرات والإطاحة بالأنظمة إلا بنشر مبادئ الديمقراطية والمساواة والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان والفرص الواعدة والاستدامة والشفافية وحقوق المرأة وهي مبادئ سامية تسعى تلك الدول إلى نشرها في الدول عبر الإعلام والسياسة تستند إليها في كل تغيير. فخلال الحرب الباردة، لم تستطع واشنطن عزل الحكومات الأجنبية إلا من خلال العمل السري. فكان التدخل المسلح غير وارد لأن لجوء الدول الكبرى لتغيير الأنظمة عبر القوات المسلحة سيحدث كارثة عالمية ما لم توافق الدول الكبرى الأخرى. أما اليوم، فيعتبر الغزو مرة أخرى خياراً واقعياً تأخذه الدول الكبرى بالحسبان.
ويشدد التقرير على العوامل الاقتصادية لتغيير تلك الأنظمة. فلا «تستطيع وكالات الاستخبارات مهما بلغت من القوة تغيير نظام يمثل الشعب ويعمل للشعب، يعمل لمصلحة ورفعة المواطن والاقتصاد الوطني»، وفق ما يراه التقرير لأنه لا يمكن للاستخبارات الأجنبية التغلغل والتسلل في صفوف المواطنين لأنه بذلك يكون العميل السري مكشوفاً وضعيفاً وغير ذي تأثير. كما أن كل زعيم لا يوافق على مآرب الشركات الغربية الطامحة إلى تحقيق مكاسب مالية طائلة فإنه سيكون في مهب الريح.
ويشدد التقرير على أنه لا بد من خلق تنظيمات راديكالية تتولى بدورها مسؤولية التغيير الداخلي بدعم لوجستي خارجي وهذا ما حدث في عدة دول في منطقة الشرق الأوسط. لذلك لا بد من التركيز، وفق التقرير، على العملاء المحليين والإعلاميين ووسائل التواصل الاجتماعي لتأجيج الرأي العام وتأليب الشعوب ضد الأنظمة كما لا بد من توفير السيولة اللازمة لتلك العمليات عبر وسطاء لهم مكانتهم في المجتمع يحضون بثقة الجميع. كما لا بد من توفير الدعم عن طريق المنظمات غير الحكومية والمراكز البحثية لنشر فكر وثقافة ودراسات محددة تخدم أجندات التغيير ومن ثم نشر العنف عن طريق المجموعات الراديكالية.
