د. شهاب المكاحله
في المحورين السابقين من التقرير، تحدثت عن النقاط الأساسية منها علاقة الحاكم بالمحكوم والأمن والاستقرار الداخلي في الدول الشرق أوسطية، وهنا سأتناول المحور الثالث من التقرير الذي وُضع في العام ٢٠٠٠ ويرسم مستقبل دول المنطقة حتى العام ٢٠٣٥. فالمحور الثالث يركز على الأسلحة الشاملة والمخدرات.
يبدأ التقرير هنا بالتحدث عن اسلحة الدمار الشامل كمحور للكثير من الدول لخلق معادلة التوازن مع الخارج، وهنا ستسعى دول شرق أوسطية غنية للحصول على أسلحة الدمار الشامل عبر نفوذها العالمي المالي وعبر وسطاء وسوق سوداء تعيدنا إلى فترة الحرب الباردة. ويرى التقرير أن دولاً شرق أوسطية ستواجه خطر الانزلاق نحو مغامرة مدمرة للحصول على أو تصنيع أسلحة الدمار الشامل مستفيدة من شبكة العلاقات العامة الخارجية ومافيات السلاح العالمي، ما يخلق حالة من السرية التي تحيط بها كل من تلك الدول الطامحة لامتلاك أسلحة الدمار الشامل.
ولما كان الشرق الأوسط أكثر مناطق العالم اضطراباً إذ يواجه سكانه صراعات حول الدين والثقافة والأرض والمياه، فإنه بامتلاك إحدى تلك الدول سلاح دمار شامل يعني سباقاً بين الجميع، وهذا يجعل المستقبل بيد شركات تصنيع تلك الأسلحة وهي في الغالب بأيدي الدول الكبرى وتكون تحت سيطرتها لأن تكنولوجيات تلك الأسلحة لا يمكن تصنيعها في غير تلك الدول. ويرى التقرير أنه لا بد من تمكين إحدى تلك الدول من الحصول على تلك الأسلحة وهنا لا نتحدث عن إسرائيل. لذلك لا بد من خلق معادلة مفادها أن دولة ما قادرة على الحصول على أسلحة نووية لكي تقوم الدول المعنية بطلب المساعدة الدولية لحمايتها وفتح باب المزاد للحصول على سلاح نووي بشروط معينة تبقي تلك الدول دوماً تحت إطار رقابي. وهنا تفتح فرص اقتصادية أمام الشركات الأجنبية لمزيد من الكسب المادي وفق التقرير.
والمسألة الثانية هي أن يقوم عدد من الدول بإغراق المنطقة بالمخدرات بمساعدة متنفذين في دول الشرق الأوسط في ظل أوضاع أمنية وسياسية واقتصادية وعسكرية متدهورة، ما يدفع الكثير من الشباب للهروب من الواقع الذي يعيشون فيه باللجوء إلى المخدرات بأنواعها، وهنا لا بد من توفير المخدرات عبر الحدود بخلق مشاكل أمنية وصراعات لتسهيل مرور تلك البضائع. وهنا يأتي دور العصابات. لذلك، لا بد من توجيه أنظار الجميع بين الحين والآخر إلى خطر الإرهاب الذي يهدد أمن واستقرار دول المنطقة من أجل «تخدير» الشباب الذين يشكلون ما نسبته ٧٠ بالمئة من سكانها.
ويرسم التقرير مصير شعوب المنطقة بأنها ستكون محكومة بالكامل بذرائع: خطر الإرهاب والمخدرات، وأسلحة الدمار الشامل التي تتيح للدول الكبرى الوصول إلى كافة فئات المجتمع وتسويق كافة المنتجات لأن شعوب المنطقة «فئران تجارب» لا غير لشركاتهم.