كتاب

أول الرقص حنجلة!!

في الموروث الشعبي الأردني مثل يقول: «أول الرقص حنجلة» والحنجلة تعبير يطلق على طريقة مشي طائر الحجل. ويستخدم المثل عند ظهور بوادر تحقيق مصلحة أو غاية بعيدة المدى. لقد كنت وما زلت من أشد المؤمنين بأهمية (قوننة) كافة أشكال القطاعات المهنية، بغض النظر عن مسمياتها، وأقصد هنا ان يكون لكل مهنة نقابة تمثلها بما يعرف (بمؤسسات المجتمع المدني)، وصولا الى الأحزاب السياسية المختلفة باعتبار أن ذلك من مقومات الدولة الديمقراطية (دولة القانون الناجحة).

نعلم جميعاً ان نقابة المعلمين قد شهدت النور في عام 2011 بعد مخاض طويل استمر لعشرات السنوات، وكان الهدف من وجودها تنظيم وتأطير العمل التعليمي في إطار مؤسسي ديمقراطي يحمي حقوق المعلمين. ونحن ايضا نتفق أن وجود تلك النقابة يعتبر نقلة نوعية في إطار تطور الدولة المدنية لدينا، والأهم أنها اصبحت المرجع القانوني الشرعي أمام مؤسسات الدولة المختلفة وعلى الأخص وزارة التربية والتعليم.

كلنا نعلم مدى حجم الأعباء المعيشية التي يواجهها المعلم بصفة خاصة والموظف العام بصفة عامة، ففي حين اتاحت التشريعات لبعض المهن ومنها المعلمون انشاء نقابة تمثلهم هناك العشرات من المهن التي لا تقل أهمية عن مهنة المعلم لا يوجد لديها تمثيل نقابي.

وانا لست هنا بصدد انتقاد ما تقوم به النقابة من إضراب للمطالبة بتحسين رواتب المعلمين، ولكنني أقول وبصراحة أن ما يؤخذ على النقابة غياب البعد الفكري الوطني، فمصلحة الوطن فوق كل المصالح فهم يعلمون مسبقاً ان الدولة تمر بضائقة إقتصادية خانقة، ولقد أعلن رئيس الوزراء في اكثر من مناسبة أن هناك عجزا في موازنة الدولة، رغم أن هناك بوادر تحسن تدريجي في النمو الاقتصادي للدولة.

ليبقى السؤال الموجه للنقابة: لماذا الآن؟ وأنتم تعلمون أن تحقيق تلك المطالب من الصعوبة بمكان، فهل المقصود من تلك الإحتجاجات التي أقول إنها مشروعة هو لي الذراع أم استعراض للقوى أم أن هناك أيادٍي خفية تحاول استغلال التوجهات السياسية لبعض اعضاء مجلس النقابة؟، علما أن التفاهمات السابقة مع الحكومة 2015م، بإقرار الزيادة التي تدعي النقابة حصولها غير موثقة ولا تمنح النقابة مركزاً قانونيا يمكنها من رفع دعوى قضائية أمام المحاكم المختصة. وأعتقد أن ما تقوم به النقابة من سياسة كسر العظم والتعنت لإجبار الحكومة بقبول شروطها وهي تعلم علم اليقين التداعيات المالية المترتبة على اقرار الزيادة، رافضين جميع الحلول الوسط على مبدا:«الغاية تبرر الوسيلة»، سوف تفتح شهية الإضراب لدى بقية العاملين في الإدارة العامة المنتسبين للنقابات المهنية للمطالبة برفع علاواتهم أسوة بالمعلمين، وأعتقد أن نتائج الإضراب سوف يكون لها تأثير كبير على بقية موظفي القطاعات الحكومية للمطالبة بزيادة علاواتهم، وبالفعل بدأنا نقرأ ونسمع تصريحات ممثلي تلك النقابات تطالب الحكومة بذلك، ويبدو ان الحنجلة السريعة التي قام به طائر نقابة المعلمين سوف تفتح شهية بقية الطيور للمطالبة بحقها المنظور.