د. شهاب المكاحله
قبل أيام من استقالة جيسون غرينبلات، المبعوث الخاص للشرق الأوسط، والذي استقال من منصبه بعد فشله في تسريع الشق الاقتصادي والانتقال إلى الشق السياسي، كنت في حديث مع عدد من الزملاء المختصين في السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأميركية عن تراجع النفوذ الأميركي في الشرق الأوسط وتحوله لصالح دول أخرى مثل الصين وروسيا.
على مدى عامين ونصف، عمل غرينبلات على وضع رؤية من شقين: اقتصادي وآخر سياسي. وهنا تثار تساؤلات في شأن توقيت استقالة غرينبلات قبيل أسابيع من الكشف عن الشق السياسي من صفقة القرن. ويبدو أن السبب في الاستقالة يعود إلى أن الإطار العام الاتفاقي لصفقة القرن كان ينص فقط على ضم المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية وعدم التنازل عنها وتغيير الحدود مع الجانب الفلسطيني بالتزامن مع نقل السفارة الأميركية إلى القدس والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. ما حدث بعدها لم يكن بحسبان غرينبلات وهو اعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترمب بضم الجولان السوري المحتل إلى إسرائيل ومؤخراً إعلان بنيامين نتنياهو عدم التنازل عن غور الأردن.
آفي بيركوفيتش صديق ومساعد لجاريد كوشنر، مستشار الرئيس الاميركي. ومن المهم هنا لفت النظر إلى عقلية المبعوث الخاص الجديد. ففي العام ٢٠١٧، كنت في محاضرة في مركز بحثي أميركي حيث ألقيت محاضرة عن الصراع العربي الإسرائيلي وسبل حله وكان من بين الحضور أفي بيركوفيتش وغيره من الباحثين والسياسيين في الولايات المتحدة. كان هذا الفتى الغر الذي تخرج لتوه من جامعة هارفرد في العام ٢٠١٦، وعمل من فوره مستشاراً في البيت الأبيض، هادئا وذكياً يسأل عن التفاصيل وعن اللاعبين الأساسيين في القضية الفلسطينية.
لكن ما علاقة كل ذلك ببيركوفيتش؟ يميل المبعوث الجديد إلى التغيير الجذري لطريقة التعامل مع الصراع العربي الإسرائيلي بخلق أساس جديد لمفاوضات على أسس مختلفة عن اتفاق أوسلو. في بيانه، أشار البيت الأبيض إلى أن بيركوفيتش سيضطلع بدور أكبر في خطة السلام إلى جانب الممثل الخاص لوزارة الخارجية لشؤون إيران براين هوك. فما يجمع ما بين بيركوفيتش وهوك أكبر ما يفرقهما: فكلاهما يعتقد أنه لا بد من حل شامل للصراع العربي الإسرائيلي والإيراني أي لا بد من احتواء إيران وإقامة سلام بين إسرائيل والفلسطينيين والدول العربية كافة.
في دوره الجديد، سيتم النظر إلى بيركوفيتش كامتداد لكوشنر خصوصا ًعقب إقالة جون بولتون مستشار الأمن القومي الأميركي الذي كان يدعو إلى العسكرة في التعامل مع إيران. كما أن كوشنر كان يصطحب بيركوفيتش دوما في زياراته الخارجية إلى دول الشرق الأوسط ما يجعله مؤهلاً للقيام بما هو متوقع منه إذ أنه استطاع في أقل من عامين تطوير علاقاته مع السفراء والسياسيين في الشرق الأوسط.