دستورية تعيين رئيسة وزراء في الأردن
11:00 1-9-2019
آخر تعديل :
الأحد
يكثر الحديث هذه الأيام عن إمكانية تعيين رئيسة وزراء في الأردن، حيث تنقسم الآراء بين مؤيد لهذه الفكرة ومعارض لها، ويبقى الأهم البحث في دستورية هذا التعيين إن حدث. فمن خلال استعراض النصوص الدستورية ذات الصلة بتشكيل مجلس الوزراء، نجد بأنها تعطي الحق للملك بتعيين رئيس الوزراء وإقالته وقبول استقالته في المادة (35) من الدستور، وبأن مجلس الوزراء يتألف من رئيس الوزراء رئيسا وعدد من الوزراء حسب الحاجة والمصلحة العامة في المادة (41) من الدستور. فالمشرع الدستوري قد خاطب كلا من رئيس الوزراء والوزراء بصفاتهم المجردة، والتي تشمل الذكور والإناث على حد سواء، ولم يشترط مراعاة الجندرية عند تعيين رئيس الوزراء أو حتى الوزراء في السلطة التنفيذية.
وما يدعم وجهة النظر هذه، أن المشرع الدستوري قد عَمِد إلى التمييز في مخاطبة الذكر والأنثى ضمن نصوص الدستور في مناسبات ثلاث. أولها، في المادة (28) من الدستور المتعلقة بتولي عرش المملكة الأردنية الهاشمية، حيث ذكر المشرع الدستوري صراحة بأن وراثة العرش تقتصر فقط على الذكور من أولاد الظهور للحفاظ على ولاية العرش ضمن أسرة الملك عبد الله بن الحسين. وثانيها، في المادة (28/أ) من الدستور التي أعطت الحق للملك بأن يختار أحد أخوته الذكور وليا للعهد، وثالثها في المادة (28/ل) من الدستور التي أجازت تعيين أحد الذكور من أقرباء الملك وصيا أو نائبا للملك إذا كان قد أكمل ثماني عشرة سنة قمرية من عمره.
أما بخصوص اختيار رئيس الوزراء، لم يتبن المشرع الدستوري الموقف ذاته المتمثل باشتراط الذكورية في التعيين، فيكون اختيار رئيسة وزراء في الأردن متوافقا مع أحكام الدستور وتطبيقا للقواعد الفقهية بأن المشرع الدستوري لا يلغو، وبأنه لو أراد لفعل.
في المقابل، هناك من يتمسك بالممارسة السابقة في الأردن بأنه لم يسبق أن جرى تعيين رئيسة وزراء منذ تأسيس إمارة شرق الأردن، وبأنه قد تشكل عرف دستوري يقرأ مع المادة (35) من الدستور مفاده أن شخص رئيس الوزراء في الأردن يجب أن يكون ذكرا.
إن هذا الرأي غير سليم ويخالف شروط قيام العرف الدستوري. فعلى الرغم من ثبوت كلا الركنين المادي والمعنوي في الحالة السابقة المتمثلة بالاستقرار على تعيين رئيس وزراء ذكر لفترة زمنية طويلة دون انقطاع، إلا أنه لا يمكن الحديث عن قيام عرف دستوري في هذا السياق، والسبب في ذلك أنه يشترط لقيام العرف الدستوري عدم مخالفة ذلك السلوك المتبع لأحكام الدستور. فالقول بأن العرف الدستوري في الأردن يقضي بضرورة أن يكون رئيس الوزراء ذكرا يشكل مخالفة صريحة لأحكام المادة (6) من الدستور تنص صراحة على أن الأردنيين أمام القانون سواء ﻻ تمييز بينهم في الحقوق والواجبات.
laith@lawyer.com
* أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية