د. شهاب المكاحله
شهد الاقتصاد العالمي خلال ثلاثين عاماً ثلاث أزمات اقتصادية بواقع أزمة واحدة كل عشر سنين. ففي العام ١٩٨٧، اختفت ملايين الدولارات من أسواق الأسهم العالمية فيما عُرف آنذاك بـ «الإثنين الأسود». وفي العام ١٩٩٧، ضربت الأزمة الاقتصادية أسواق شرق اسيا وتحولت الاقتصادات في تلك الدول من حالة الانتعاش إلى الركود المُركب إذ وصلت خسائر الأسواق المالية فيها أكثر من ٥٠٪ من قيمتها. وفي العام ٢٠٠٨، ضربت الأزمة المالية العالمية الأسواق العالمية بسبب فقاعة الإقراض العقاري الأميركي. وفي العام ٢٠١٨ بلغت ديون العالم ٢٢٣ تريليون دولار أميركي علماً بأن حجم الناتج المحلي الإجمالي كان فقط ٧٦ تريليون دولار. كما أن ديون الشركات في العالم وصلت إلى ٧٠ تريليون دولار.
هناك الكثير من التكهنات في الصحافة مؤخراً حول الانهيار العالمي الوشيك والتبعات الحتمية التي سيحدثها إذ من المتوقع أن يبدأ العام ٢٠٢٠ بركود اقتصادي كبير لاشتعال الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين. التوقعات تشير إلى أن الازمة المالية العالمية القادمة ستضرب العالم في٢٠٢٠ ما يثير الفوضى الاقتصادية العالمية مرة أخرى. ويرى الخبراء أن الضربة هذه المرة ستكون أعنف وأكبر مما كانت عليه في الأعوام ٢٠٠٧ – ٢٠٠٩.
فهناك أزمة في النظام الرأسمالي العالم المبني على الاحتكار واكتناز الثروات في أيدي قلة ما يسبب تفاوتاً كبيراً في الدخل إذ إن أقل من ١٪ من سكان العالمي يتحكمون بمصير باقي سكان العالم. وهذا ينطبق على كافة الدول ومنها الدول العربية التي لن تكون بمنأى عن الزلزال الاقتصادي لأن نتائجه المباشرة ستكون حدوث الكساد وعدم القدرة على الشراء ما يؤدي إلى انهيار الشركات والأعمال والمصانع والبنوك والأسواق المالية العالمية.
إن ما سيجري في العام ٢٠٢٠ بُعيد الانتخابات الأميركية التي من المتوقع أن يفوز بها الرئيس دونالد ترمب أن تُقوي التيارات الشعبوية والقومية في دول العالم ما يزيد من ظاهرة الأحزاب المتطرفة واليمينية في كافة الدول وهو نفس سيناريو الحربين العالميتين الأولى والثانية حيث تصاعد المد الشعبوي والقومي الذي دفع إلى اندلاع الحربين.
النشاط الاقتصادي في كثير من الدول سيستمر على الأرجح في العام المقبل، لكن الظروف السياسية العالمية ستخلق بيئة حاضنة للركود الاقتصادي مع قرب انتهاء حزم التحفيز العالمية. فسيشهد العالم تذبذباً كبيراً ونزاعات تجارية بين أكثر من دولة على غرار النزاع الأميركي الصيني ما يخلق عبئاً على الاقتصادات مع ارتفاع في أسعار الفائدة التي تتخذ الآن مساراً تصاعدياً.
وفي الختام، ومع تربع الولايات المتحدة في المرتبة الأولى اقتصادياً والصين ثانياً إلا أن كليهما لم يتمكنا في العشر سنوات الأخيرة من تحقيق موازنة ما بين الدين والناتج المحلي الإجمالي. فقد ارتفع الدين العام الأميركي بواقع ١٠٧٪ كما أن الدين العام الصيني ارتفع بنسبة ١٧١٪.