د. أحمد يعقوب المجدوبة
ألاعيب إسرائيل كثيرة، وهي بارعة في إلهائنا بقضايا جانبية، حتى تُبعد الأنظار عن الأساسيات.
واجبنا هو التمسك بالأسس والتذكير بها والضغط على إسرائيل بكل السبل المتاحة لإعادة الحق لأهله كاملاً غير منقوص، وأن نُفوّت عليها سعيها الدؤوب لإثارة إشكالات في آفاق أرحب، محاولة إخراج الصراع بيننا وبينها عن إطاره المحدد والواضح.
أما الأساسيات فتتمثل في أن إسرائيل استعمرت مساحات في فلسطين بداية ثم احتلتها كلّها عنوة بالبلطجة والإرهاب وقوة السلاح والتحالف مع الدول المستعمِرة، وهجّرت أهلها. كما احتلت أراضٍي عربية منها الجولان بأكمله وأجزاء من جنوب لبنان، إضافة إلى سيناء التي أعادتها لمصر وبعض الأراضي الأردنية.
وبعد احتلالها غير المشروع أخذت بالتوسع في بناء المستعمرات غير القانونية، وتهويد العديد من المعالم بالطرق الملتوية واللإنسانية، وترويع السكان الفلسطينيين والعرب، وسجن الأطفال والنساء والرجال بغير وجه حق، وتعذيبهم بأساليب شيطانية.
وعبر السنوات صدر العديد من قرارات الأمم المتحدة التي تدين الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية والفلسطيبية وترفضه، وتدعو إسرائيل صراحة للانسحاب منها، وأعطت الفلسطينيين حق العودة والتعويض وتقرير المصير.
لكن إسرائيل ضربت بتلك القرارات عرض الحائط.
يضاف إلى ذلك أن إسرائيل توصلت مع الفلسطينيين وعدد من الأطراف العربية إلى اتفاقيات تهدف إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وحلّ الصراع، لكنها سرعان ما تنكرت لها وضربت بها عرض الحائط أيضاً.
هذه هي الأسس، وهذا هو ما يجب أن نُسلّط الضوء عليه: إنهاء الاحتلال الإسرائيلي غير المشروع وإعادة الأراضي لأصحابها الفلسطينيين والعرب، دون تلكؤ ودون مهاترات والاعيب.
نقطة مهمة، من ضمن نقاط عدة، لا بد من التذكير بها هنا، وهي أن إسرائيل كيان صهيوني، وليست دولة لليهود. وهنالك فرق كبير على هذا البعد.
هي حركة غربية استيطانية استعمارية، مثلها مثل الحركات الصليبية الأوروبية التي سبقتها، تستغل الدين لتبرر وجودها وتُشرعنه.
وهي إذا كنت تُصر على يهودية الدولة، فليست لأنها تؤمن بالديانة اليهودية التي نُعدّها نحن ديانة سماوية سامية، بل من أجل إيجاد مبررات لوجودها المفترض والمزعوم والمفروض على هذا الجزء من العالم بالترهيب وبقوة السلاح.
ولو اختارت الحركة الصهيونية أوغندا أو أجزاء من أمريكا الجنوبية لتكون دولة لإسرائيل، بدلاً من فلسطين، كما تُعلمنا كتب التاريخ، لاتخذت الحركة الصهيونة ديانة أو أيديولجية أخرى تتكئ عليها لتبرير كيانها.
وليس أدل على ذلك من أن العديد من اليهود المتدينين يرفضون فكرة قيام إسرائيل كدولة في فلسطين ولا يعترفون بوجودها.
ومن هنا نقول، ومن هذا المنظور لوحده، إن وجود أي أثر لليهود القدامى في أي مكان في هذا الجزء من العالم وغيره، لا يعد مبرراً لوجود إسرائيل، لأن إسرائيل كيان صهيوني وليست دولة لليهود.
ومع ذلك فرغم ما تبذل إسرائيل من جهود خارقة للبحث عن آثار تخدم خطابها المصطنع، فإن معظم جهودها باءت وتبوء بالفشل، كما يُنبؤنا علماء الآثار. دعونا لا ننسى الأسس.
[email protected]