الشك مرض يحتاج إلى علاج
تاريخ النشر :
الأربعاء
12:00 2019-7-24
أبواب - غدير سالم
يعتبر الشك أحد الصفات الموجودة في الإنسان، ويقع الشك بين التصديق والتكذيب بشيء ما، وهو جزء من الوسواس القهري إذا وصل إلى درجة كبيرة وغير منطقية، وعلى هذا الأساس يصنف الشك كمرض نفسي تظهر أعراضه عندما يبدأ الإنسان في الشك بكل شيء يتواجد أمامه، فيشك في عائلته إلى درجة أنه قد يعتبرها خطراً عليه فلا يأكل أكلهم خوفاً من احتمال وضع السم في طعامه، كما قد يصل هذا الشك إلى اعتقاده أن زوجته تخونه أو تريد قتله و سرقته و إلى غير ذلك، عدا أن الشك يدخل الإنسان في كآبة وقلق وهلع. والشك كما يعرفه اللغويون والمختـصون هو عكس اليقين والتثبت، وهو مصاحب للقلق وعدم الاستقرار، والشك المستمر أو المبالغ فيه أو الذي يأتي في غير محله يتحول الى مرض نفسي خطير يسمى (بارانويا)، لتصبح الحـــياة مع شخص شكاك مغامرة خطيرة غير محمودة العواقب.
تقول الاستشارية التربوية والأسرية رولا خلف:«الشك عكس اليقين بمعنى عدم القدرة على التصديق والإيمان بالفكرة أو أي موضوع ما وفي الوقت نفسه عدم القدرة على التكذيب، والشك في أمر ما أو فكرة معينة تكون نسبة التصديق به تساوي نسبة التكذيب، فهو مبني على أفكار مختلطة وغير مقنعة بغض النظر عما تحمله الفكرة وما هي نسبة المصداقية فيها، الا أن الشك والريب اللذين يجتاحان هذا الفرد يقللان من نسبة الإيمان والاقتناع بالفكرة وهي أفكار داخلية تنبع من داخل الفرد».
وتتابع: «كما أن الشك هو أيضاً تداخل بعض الأفكار في عقل الشخص منها الإيجابي ومنها السلبي وذلك بسبب عدم ظهور بعض الحقائق ويكون في عقل وتفكير الشخص وليس في قلبه».
وتقول: «قد تكون أسباب الشك داخلية نابعة من الإنسان نفسه وقد تكون خارجية حسب طبيعة الشخص نفسه كأن تكون شخصيته مهزوزة أو معقدة فيسهل أن يقع في الشك أو أن يكون موسوساً وطريقته في التفكير تجلب له الشك، أو أن يكون الإنسان بسيطاً يصدق كل شيء فيقع في الشك أو عمق في التفكير يوصله للشك».
وتضيف: «ومن أسباب الشك أيضاً الشائعات وكثيراً ما تكون خاطئة لذلك يجب أن لا يصدق الإنسان كل ما يقال له ولا أن يردد هذه الشائعات، فإذا صدقها ورددها يكون الشك قد دخل إلى نفسه، والوهم أيضاً يعتبر سبباً للشك عندما يتوهم الفرد أن هناك شراً سيحدث فيدخل الشك في تفكيره».
وتشير خلف إلى أن: «قد تكون أسباب الشك جينية ولها ربط مع الفصام العقلي، ويمكن أن تكون لها علاقة بالمواد الكيميائية التي تشغل الجهاز العصبي المركزي وتحديداً الدماغ، بالإضافة إلى التربية والتنشئة فلها تأثير أيضاً».
وترى خلف أن: «الشخص الشكاك يتسم بالريبة العالية في نوايا وسلوكيات الأشخاص الآخرين ويتميز بقلة الثقة بهم ودائماً يتوقع الأسوأ وأن هناك مؤامرة تحاك له، وهو شخص حساس جداً ويفسر الأمور بشكل مغاير لما يحصل له،عدا أنه يجادل كثيراً ويميل إلى مقاضاة الآخرين، وهو عدواني ولا يمكن التعامل والتفاهم مع هذه الشخصية فهي لديها خوف دائم».
وتلفت خلف إلى أن: «العلاج السلوكي المعرفي هو علاج مرض الشك، ويتضمن معالجة المريض بتجزئة المشكلة لأجزاء مختلفة كالأفكار والمشاعر وتشجيع الفرد الشكاك على مواجهة خوفه فيبدأ بمعالجة المشاكل المسببة للشك والقلق».
وتحذر خلف من أنه: «أحياناً قد يكون العلاج صعباً وبحاجة إلى علاج أطول في الحالات الأكثر شدة فيحتاج المريض إلى دواء إذا كان العلاج النفسي غير فعال في علاج اضطراب الوسواس القهري، وهذا الدواء يساعد في تحسين الأعراض ويكون لمدة أطول ويتم إيقافه تدريجياً لتقليل فرصة حدوث أي آثار جانبية».
ويقول أخصائي الصحة النفسية الدكتور عمار التميمي: «عندما نتحدث عن الشك فهناك بعد غريزي موجود لدى جميع البشر ذكوراً وإناثاً ويكون في جبلة كل إنسان، والمقولة المشهورة التي تقول «أنا اشك إذاً أنا موجود» تدل على أن الشك هو أساس المعرفة وهو الفضول لمعرفة المجهول، والشك ببساطة أخذ الشيء على علاته بمعنى آخر هو البحث عن دقائق وتفاصيل الأمور».
ويرى التميمي أنه: «مع أن الشك غريزة وفي جبلة كل إنسان لكن هناك فروقاً فردية حقيقة بين البشر في هذه السمة، فالشك في الحدود الطبيعية وقد يكون شيئا إيجابيا يخدم مسيرة الإنسان وتطوره، لكن اذا أصبح مبالغا فيه يصبح مرضيا وقد يتحول إلى أحد الإضطرابات النفسية».
ويبين أن: «هناك إضطراباً نفسياً مستقلاً بذاته يسمى إضطراب الشك الضلالي وفيه يكون لدى الشخص فكرة شبه راسخة وأكيدة لا تحتمل التأويل أو التفسير أو الجدل بأن الطرف الآخر مثل (الزوجة تخون زوجها أو أن الزوجة على يقين تام بأن زوجها يخونها دون وجود أدلة تثبت ذلك)، وهذا يؤدي إلى مشاكل تعيق الاستقرار الأسري ونمو العلاقة الزوجية بشكل سليم».
ويشير التميمي: «قد يكون الشك في حدوده الطبيعية وقد يصتبغ مع خصائص أخرى مثل الغيرة التي تصبح مرضية، فإذا أصبح الشك ملتصقا مع الغيرة المرضية قد يؤدي إلى مشاكل تعيق مسيرة حياة الإنسان بشكل طبيعي، لكن الشك ليس أنواعا وإنما يأخد أشكالا مختلفة حسب طبيعة أو مصدر أومكمن الشك ولكن أغلب الشكوك عادة تكون في موضوع الخيانة الزوجية».
وينوه التميمي: «في الحقيقة الشك كخصلة تعتبر غير مرضية ولكن تؤدي إلى مشكلة تحتاج إلى تدخل في حدودها الطبيعية، وهنا نعزز عند الفرد فكرة التحقق دائماً، فإذا كان الشك عاديا يفترض أن يبنى على أدلة، أما إذا كان الشك مرضيا فيحتاج إلى علاج نفسي متخصص تحت إشراف طبيب او أخصائي نفسي».
ويرى إستشاريون نفسيون أن هنالك مجموعة من التصرفات وردات الفعل التي تدل على الشخصية الشكاكة منها اعتماد سوء الظن دوماً ومسبقاً في كل ما يصدر عن الآخرين من أفعال وتصرفات، وقلة الثقة في الآخرين وعدم الاعتماد على أحد، والبحث عن أي دوافع سلبية لتصرفات وأقوال الآخرين الإيجابية، والحيطة والحذر من كل المحيطين به حتى أقرب المقربين، والغيرة المرضية على كل شخص يخصه، والرغبة الدائمة في فرض السلطة على الآخرين وخاصة على الأقرباء، عدا عن فرض النية السيئة في التعامل مع الآخرين، وتوقع الأسوأ في كل الأمور، وعدم تكوين علاقات?اجتماعية بسهولة، وقلة الأصدقاء والمعارف والمقربين.