وماذا عن مدارسنا قبل انشاء الجامعات وقد شاع طويلاً التغني بها تحت تأثير النوستالجيا كالاشادة الزائدة بمدرسة السلط صرحاً كبيراً لأنها خرّجت رؤساء وزارات (وإلا فمن اين يتخرجون وهي الثانوية الوحيدة شبه الكاملة؟) بدل توجيه اللوم للاستعمار البريطاني على اهماله المتعمد للتعليم وكان قد زعم لعصبة الأمم انه جاء الي بلادنا من اجل النهوض بها؟!
وماذا عن الأنظمة المالية التي ضَبطتْ إنفاق حكوماتنا ضمن ميزانيات فقيرة ومن ذا الذي كلف نفسه مشقة الكتابة عن خبيرها الاول توفيق ابو الهدى وكيف طوّرها من بعده شكري شعشاعة اول رئيس لديوان المحاسبة حين كان حقاً الجهاز المتربص بأي فساد؟
ثم ماذا عن الصحة وخدماتها وكم كانت بدائية يوم نحتَ في الصخر قواعدَها الدكتور حليم ابو رحمة منتدباً من حكومة فلسطين ثم رفع بنيانَها مسؤولون كثيرون في مقدمتهم الدكتور جميل التوتنجي اول وزير للصحة عام 1950 حتى اصبحت تسد مع الوقت حاجاتنا الاساسية لكنها اليوم لا تعجب بعض مسؤولينا إلا بانشاء مستشفيات جديدة باهرة المظهر مفرطة النفقات في تجاوزٍ لمبادئ الرعاية الصحية الاولية التي توفر خدماتها لجميع مستحقيها بعدالة وبكلفة زهيدة لا كما يريدها البنك الدولي واقتصاد السوق مجرد سلع لا يحصل عليها إلا من يملك ثمنها؟! ولعل الجهد الذي يبذله الدكتور كامل العجلوني في صمت وأُطلُّ على بعضه ودياً يثمر (تأريخاً) رصيناً.
وبعد.. تلك أمثلة لا تبتعد عن الاصل فهي بمجملها–لو تعلمون–روافد تصب في تيار التاريخ السياسي الكبير!
