بلال حسن التل
الإنجازات التي حققها مركز الملك عبدالله الثاني ابن الحسين للتصميم والتطوير «كادبي» خاصة في مجال تحويل المعرفة النظرية إلى منتج مادي ملموس، تقودنا إلى الحديث عن قضية وطنية في غاية الأهمية هي قضية البحث العلمي وواقعة في بلدنا. ففي الوقت الذي نتغنى فيه بوجود عشرات الجامعات الحكومية والخاصة، وبوجود عشرات الآلاف من حملة درجة الدكتوراة في مختلف حقول العلم، فإننا نشكو من غياب البحث العلمي ونتائجه ومن غياب دوره في تطوير مجتمعنا وسد حاجته إلى الكثير من الحلول لقضاياه في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
إن هناك مايشبه الإجماع على تدهور أوضاع البحث العلمي في بلدنا،لأسباب كثيرة، منها عدم استغلال أساتذة الجامعات لسنوات التفرغ العلمي في الدراسة والبحث، واعتبار هذه السنوات فرصة لتحسين أوضاعهم المالية، من خلال العمل في جامعة أخرى غير جامعته التي تمنحه سنة التفرغ العلمي. ومنها عدم توفر المخصصات المالية الكافية للبحث العلمي في جامعاتنا، وفي سائر مؤسساتنا التي تحتاج إلى نتائج هذا البحث في القطاعين العام والخاص. فإذا كانت الحكومة مقصرة بتخصيص الموازنات اللازمة للبحث العلمي، فإن شركات ومصانع القطاع الخاص ليست أفضل حالاً من الحكومة في مجال تخصيص الأموال اللازمة لدعم البحث العلمي، ناهيك عن المختبرات والأجهزة والمعدات.
هذا الواقع المتردي للبحث العلمي في بلدنا، يبرز أهمية تجربة مركز الملك عبدالله الثاني ابن الحسين للتصميم والتطوير «كادبي»، فمن خلال الحرص على توفير أجواء البحث العلمي ومستلزماته، استطاع المركز أن يحقق نتائج مبهرة، وأن يكون منافساً قوياً في العديد من الأسواق، التي صارت تتكالب على منتجاته من الأجهزة والمعدات.
لقد حقق مركز «كادبي» كل إنجازاته من خلال البحث العلمي، بعقول وأياد أردنية صرفة استطاعت عندما توفرت لها الظروف والإمكانيات المادية أن توطن العلم والمعرفة، وأن تحولهما إلى منتج مادي يحمل الجنسية الأردنية، ليكون سفيراً مشرفاً لبلدنا. مما يؤكد أن الخلل في كثيرمن الأحيان ليس في العنصر البشري الأردني، بل في الظروف والإمكانيات التي يعمل في ظلها هذا العنصر البشري، والدليل القاطع على ذلك تقدمه تجربة «كادبي» فعندما توفرت لشبابنا العاملين في «كادبي» الظروف والإمكانيات تحولوا إلى نبع من الابتكار والعطاء العلمي الذي يدفعنا دفعاً كأردنيين إلى النظر إلى الجزء الممتلئ من كأس الوطن لنسعى بعد ذلك لملء الجزء الفارغ من هذه الكأس.
خلاصة القول في هذه القضية: هي أن تجربة «كادبي» تصلح كنموذج نقدمه لشعبنا لزراعة الفرح في قلبه، ولندربه على المزيد من الفرح من خلال المزيد من الإنجاز، الذي هو سلاحنا لبناء الروح الإيجابية لمواجهة حالة الإحباط التي نعيشها، وهذا هو هدفنا في جماعة عمان لحوارات المستقبل من إطلاقنا لمبادرة «الإنجاز في مواجهة الإحباط» التي اطلعنا في إطارها على تجربة «كادبي».
[email protected]