أبواب - غدير سالم
ينصرف كثير من الأزواج عن الاهتمام بزوجاتهم مما يسبب مشاكل أسرية قد تقود إلى انفصال الزوجين، وغالبا ما يطال إهمال الزوج أبناءه وبناته، فيوجد لديهم فراغا نفسيا واجتماعيا كبيرا.
هؤلاء الأزواج لديهم مشكلة في تحمل المسؤولية، مع اختلاف حجم المشكلة من زوج إلى آخر، فربما يكون مهملا عن عمد، وقد يكون غير منظم لتكون أسرته في آخر سلم أولوياته، وقد تكون المشكلة أكبر من ذلك إذا كان لا يقوم بمسؤولياته المالية، ويعتمد على زوجته في ذلك، أو لا يقوم بمسؤولياته الاجتماعية.
ومشكلة عدم تحمل المسؤولية عند الزوج من المشاكل الزوجية التي توقع عبئا كبيرا على كاهل الزوجة التي تسعى جاهدة للبحث عن حل جذري يغير مجرى حياتها ويشعر زوجها بالمسؤولية.
يقول الاستشاري الاجتماعي الدكتور فيصل غرايبة: «كثيراً ما يكتشف المتزوجون في الأشهر الأولى من حياتهم الزوجية أن الزواج ليس الفردوس المفقود الذي طالما حلموا أنهم سينعمون به بعد أن قضوا سنين صعبة من حياة العزوبية».
ويضيف: «الزواج يقوم على المشاركة والتعاون والتضحية في مختلف النواحي التي تربط الزوجين، فعلى الزوج أن يعلم أن حريته التي كان يتمتع بها قبل الزواج أصبحت مقيدة ورغباته يجب أن لا تتناقض مع رغبات شريك حياته وإلا فإنهما لا يستطيعان التكيف مع بعضهما».
ويرى غرايبة أنه: «ثمة حالات يكتشف فيها أحد الزوجين أن شريكه ليس بتلك المميزات التي كان يظهر بها قبل الزواج وتظهر هذه الحالات خاصة عند الذين يمرون في حالة من الحب الرومانسي قبل الزواج».
ويوضح أنه: «إما أن يتحول هذا الخيال والتطورات البعيدة عن الواقع والتي تضفي على المحبوب كل صفات المثالية وتبعد عنه الصفات السيئة إلى نظرة واقعية وقبول بما هو موجود، وبالتالي احترام وتقدير الشريك على أساس مميزاته الواقعية، وأما أن يتحول إلى حالة من عدم قبول الشريك بعد اكتشاف حقيقته ثم الاختلاف معه فالإنفصال عنه».
ويشير إلى أن: «هناك صنفا من الأزواج يمكن أن نطلق عليه لقب الزوج المهمل أو المتسيب و اللامسؤول الذي لا يملك زمام نفسه ولا زمام الأسرة، ويعرض عن زوجته ولا يستمع إليها، وإن مكث في البيت مال إلى السلبية في التعامل معها ومع أولاده ولا يصغي لمطالبهم ولا يستمع إلى أحاديثهم ولا يحمل أي سلعة يرى أنها مناسبة للبيت أو أنها من ضروريات ذلك اليوم».
ويتابع: «بحكم هذا التصرف يلقي بكامل العبء على كاهل زوجته، ويشغل نفسه بمرافقة أصدقاء على شاكلته في المقاهي أو النوادي، وعلى الرغم من أنه مسؤول عن تصرفاته إلا أن هذه الحالة تتطلب المبادرة من الزوجة لتحاول إعادته إلى الأسرة، وإلى المشاركة في اتخاذ القرارات الخاصة بها».
ويبين غرايبة أنه: «على الزوجة أن لا تلقي بالاً لإهماله ولا تعلن اليأس من إصلاحه، كما أنه على أولاده البالغين محاولة إشراكه بالأقوال والأفعال تجاه كل المواقف وأن يتعاونوا مع أشقائه ومريديه في جذبه إلى الجو الجماعي المحيط بالأسرة على أن لا يثقلوا عليه إن كان معسرا بمطالب والتزامات مالية، لأن ذلك سيزيد من نفوره وابتعاده».
ويحض: «الزوجة والبنات الكبيرات أن يبادرن لعرض خدماتهن لإسعاده واقتراح اصطحابه لنزهة وزيارات لأناس يحبهم وتشجيعه على التواصل مع أشقائه وأقاربه، ومحاولة التقليل من انصرافه على متابعة المسلسلات أو مواقع التواصل الاجتماعي التي تجعله يدير ظهره للعائلة ويلتزم الصمت».
وتقول الاستشارية التربوية والأسرية رولا خلف إن: «أساس الزواج الناجح المودة والرحمة والإهتمام والشراكة والتفاهم وتحمل المسؤولية من الزوجين، ولكن بعض الزوجات يعانين من إهمال الأزواج لهن مما يعكر صفو الحياة ويجعل الزوجة في عصبية وحزن واكتئاب، ومهما فعلت فإنها لا تشعر بالألفة مع زوجها فلا يبادر في السؤال عنها أو الاتصال بها أو البحث عنها ليعبر لها عن حبه وأحياناً تؤدي هذه المشاكل إلى الإنفصال ».
وترى أنه: «في وقتنا الحاضر أصبحت الزوجة هي الأم والعاملة خارج البيت، والمعلمة لأولادها وربة البيت تقوم بكل الواجبات على أكمل وجه ولا تطلب من أحد المساعدة، ولكن في نفس الوقت تحتاج لمن يقدر ما تفعل ولو بكلمة أو فعل من زوجها، ونجد أن بعض الأزواج يستغلون هذا الموقف وعندما ينتهي من عمله يفضل عدم العودة للبيت وتحمل المسؤولية مع زوجته فيذهب مع أصحابه لتمضية ساعات المساء ثم يعود متأخراً فتكون الزوجة أنهت كل شيء وهذا بالطبع سلوك أناني من الزوج».
وتشير خلف إلى أنه: «على الزوجة أن تقوم بالطلب من زوجها بإيجابية ودون أوامر وعصبية التعاون معها خاصة في الوقت الحالي، ويمكنه أن يساعدها في بعض المسؤوليات حتى يتمكن الزوجان من تقاسم بعض الأعباء ».
وتبين خلف أنه: «تقوم بعض الزوجات بترك منزل الزوجية لفترة قصيرة بزيارة ذويها لأيام حتى يقدّر الزوج ما تقوم به من مسؤوليات ويشعر معها ويرى الأعباء التي تتحملها، وأحياناً بعض الأزواج يقومون بتحديد يوم أو يومين في الأسبوع ليلتقي مع أصحابه وهي أيضا تقوم بهذا الشيء وهذا الاتفاق يخفف من تحميل المسؤولية لطرف واحد، فالتنظيم ضروري ويساعد الزوجين على تقسيم المهام».
وتضيف خلف: «عندما يهمل الزوج مشاعر زوجته ولا يعبر لها عن إحساسه تجاهها ستفقد حاجتها العاطفية وتشعر بالأسى والفجوة، لذلك على الزوج أن يهتم بزوجته وأن يعي أنه قد يكون سببا في حدوث ما لا يحمد عقباه».
وتلفت إلى أنه: «يجب أن يعلم الزوج أنه السند لها يمنحها الحب والعطف والحنان، وهناك العديد من الأزواج الذين أبدوا رغبة في المساهمة في مساعدة زوجاتهم وكانوا السند لهن مما أثر بطريقة إيجابية على حياتهن، فالمسؤولية عندما يتحملها أكثر من شخص تصبح سهلة وميسرة وتقلل من المشاكل».
ويبين اختصاصيو الطب النفسي الآثار المترتبة على إهمال الزوج لأسرته ومنها الطلاق، وانحراف بعض أفراد الأسرة وخصوصا الأبناء لكي يبحثوا عمّا فقدوه من الأب، وقد يفشل الأبناء فى المدرسة، بالإضافة إلى أن الإهمال يقتل كل المشاعر المتبادلة بين الزوج وأسرته.