كتاب

شروط العضوية في مجلس الأعيان

صدرت الإرادة الملكية السامية قبل أيام بتعيين عضوين جديدين في مجلس الأعيان وذلك استنادا لأحكام المادة (36) من الدستور التي تعطي لجلالة الملك الحق في تعيين الأعيان وقبول استقالاتهم. إن تشكيل مجلس الأعيان تحكمه نصوص وقواعد دستورية واضحة فيما يتعلق بالعدد الكلي لأعضائه ومدته الزمنية المحددة بأربع سنوات شمسية. فبموجب أحكام المادة (63) من الدستور يتألف مجلس الأعيان بما فيه الرئيس من عدد ﻻ يتجاوز نصف عدد مجلس النواب، هذا يعني أنه إذا قل عدد أعضاء مجلس الأعيان عن نصف عدد النواب فإن تشكيلة المجلس تبقى دستورية.

إلا أن الممارسة المتبعة في الأردن تتمثل في الحرص على الإبقاء على عدد أعضاء مجلس الأعيان بواقع نصف عدد أعضاء مجلس النواب تحديدا، وهو الأمر الذي يثير مشاكل تتعلق بالتصويت في الجلسة المشتركة التي يعقدها المجلسان معا لممارسة الوظيفة التشريعية، والتي يشترط لصدور القرارات عنها موافقة أكثرية ثلثي الأعضاء الحاضرين. ففي الجلسة المشتركة، سيشكل مجلس الأعيان بكامل عدده الثلث المعطل لجميع القرارات التي يمكن أن تصدر، وذلك بحكم أنه يشكل ثلث عدد أعضاء مجلس الأمة. بالتالي، سيصبح لزاما على أعضاء مجلس النواب أن يتبنوا موفقاً واحدا لغايات تحقيق أغلبية الثلثين المطلوبة لصدور القرار عن الجلسة المشتركة، وهذا ما يتعذر في الواقع العملي.

أما فيما يتعلق بشروط العضوية في مجلس الأعيان، فإن الأحكام الدستورية ليست بذات الوضوح والتحديد. فقد نصت المادة (64) من الدستور على مجموعة من الفئات التي يحق لها التعيين في مجلس الأعيان أهمها رؤساء الوزراء والوزراء السابقون، السفراء والوزراء المفوضون، رؤساء مجلس النواب، ورؤساء وقضاة محكمة التمييز ومحاكم اﻻستئناف النظامية والشرعية. إلا أن المشرع الدستوري قد ألحق هذا التعداد بعبارة عامة تجيز تعيين كل من ماثل هؤلاء من الشخصيات الحائزين على ثقة الشعب واعتماده بأعمالهم وخدماتهم للأمة والوطن في مجلس الأعيان.

إن التساؤل الأبرز فيما يتعلق بشروط العضوية في مجلس الأعيان يتمثل في المغزى من إيراد المشرع الدستوري لعدد من الفئات والوظائف على سبيل الحصر التي يجوز تعيين أصحابها في مجلس الأعيان، ومن ثم تكريس معيار واسع فضفاض يتمثل في إمكانية تعيين أي شخص آخر إذا ثبت أنه حائز على ثقة الشعب ومعروف بأعماله وخدماته للوطن. فإذا كان ما قصده المشرع الدستوري إعطاء الأولوية للفئات الوظيفية المحددة في النص الدستوري، وبأن السلطة التنفيذية ملزمة بالاختيار ابتداء من هذه الفئات الوظيفية قبل الانتقال إلى تطبيق المعيار العام الواسع، نجد بأن مجلس الأعيان الحالي لا يضم جميع رؤساء الوزراء السابقين الذين تولوا السلطة في عهد جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، هذا بالإضافة إلى وجود فئات وطبقات واردة في المادة (64) من الدستور غير ممثلة فعليا في مجلس الأعيان.

لذا، فهناك حاجة ماسة لمراجعة نصوص الدستور الأردني فيما يتعلق بشروط العضوية في مجلس الأعيان لصالح تكريس أسس ومعايير واضحة تتعلق بكيفية اختيار الأشخاص المؤهلين للتعيين، على أن يُترك لجلالة الملك–باعتباره صاحب الاختصاص الدستوري في التعيين–الحق في المفاضلة بين من تنطبق عليهم شروط التعيين واختيار من يراه مناسبا للعضوية في مجلس الأعيان.

laith@lawyer.com