بلال حسن التل
أشرنا في مقال سابق إلى أدوار عدة جهات في رفع مستوى مؤسسة الوعظ، للنهوض برسالتها التي أكد عليها جلالة الملك عبدالله الثاني أثناء تكريم جلالته الرمضاني للأئمة والوعاظ، وفي طليعة الجهات وزارة الأوقاف والوعاظ أنفسهم، وهذا الدور كان محور مبادرة متكاملة سلمتها جماعة عمان لحوارات المستقبل لوزارة الأوقاف، مساهمة منها في تأهيل الوعاظ، من خلال إعداد الواعظ فكرا وسلوكا إعداداً ينسجم مع روح الإسلام، ليتمكّن من تأدية رسالته كقائد اجتماعي، وهذا يستدعي تعزيز مكانة الواعظ ودوره المجتمعي باعتباره موجها، كما يستدعي تحسين مستوى حياته الماديّة والمعنويّة، وتوفير كل الإمكانيات التي تمكّنه من أداء رسالته والقيام بدوره بما في ذلك تعديل التّشريعات الخاصّة بذلك. وأكدت المبادرة أنه حتى يكون الواعظ قائداً اجتماعياً وتربوياً، قدوة في مجتمعه، فيجب أن تتوفّر فيه مجموعة من الصّفات منها أن يكون مطّلعاً على حركة التّاريخ، وأن يكون متابعاً لحاضر العالم، وأن يكون مطلعاً على علوم العصر ومعارفه، ومطلعاً على قدر من ثقافات الشعوب وعاداتها، قادراً على التّعامل مع وسائل الإعلام المختلفة.
كما اقترحت المبادرة عدداً من المعايير لقبول من ينوي الالتحاق بجهاز الوعظ كمعدل مستوى امتحان الثانوية، وإعطاء الأولوية لمن حصل على تقدير جيد جدا في مرحلة البكالوريوس للتّقدم للاختبارات والمقابلات الخاصّة بالوعاظ الجدد، واجتياز من يرغب بممارسة الوعظ لمقابلة شخصية لقياس اتجاهاته ودافعيته وميوله، مع ضرورة اجتياز اختبار عملي تطبيقي أمام لجنة علمية شرعية متخصصة للكشف عن مدى جهوزيته، مع إخضاعه لدورات شرعيّة متخصصة، ثم منح من يجتاز الاختبارات التّقييمية النّظرية والعملية والمقابلة إجازة مزاولة للوعظ تجدد كل عدة سنوات، بعد خضوعه لاختبارات تقييمية نظرية وعملية ومقابلة للوقوف مرة أخرى على مستواه وكفايته للمهنة.
وتضمنت المبادرة آليات لإعداد الوعاظ، كتطوير برامج لإعداد الوعاظ في المواد العلميّة والإنسانيّة والاجتماعيّة في كليات الشّريعة وبما يناسب المجتمع الأردني، وعقد دورات إلزامية سنوية لتأهيل الوعاظ وتدريبهم، تتضمن دروساً في الدين واللغة وعلوم العصر وثقافاته.
كما نصت على اجتياز خريجي كليات الشريعة دورة متخصصة في الإمامة والخطابة والوعظ وفنون الاتّصال والإرشاد لا تقل مدتها عن سنة دراسية بالتّنسيق مع الجامعات الأردنية، ونصت المبادرة على إعطاء امتيازات ماليّة للواعظ، وخاصّة الذين يحصلون على تأهيل شرعي متخصص لتحسين أوضاعهم المالية، بحيث يصبح راتبهم أعلى راتب في سلم رواتب الدولة، وتطوير نظام الحوافز والمكافآت للأئمة وربطها باجتيازه للدّورات المتخصصة التي يخضع لها.
كما نصت المبادرة على وضع نظام خاص بالرتب العلميّة للوعاظ مع إعطاء علاوة عليها في التّرفيع من باب التّشجيع لهم على غرار التّرفيع وتصنيف المعلّمين المعمول به في وزارة التّربية والتّعليم، وكلها خطوات تجعل مؤسسة الوعظ على قدر آمال القائد وحسن ظنه بها.
[email protected]