يعد ديوان الخدمة المدنية الذي تأسس عام 1955، المعني بمهام إدارة الموارد البشرية وتنظيم شؤون الوظيفة العامة وتطويرها. ولقد قام الديوان منذ تأسيسه بتزويد مختلف مؤسسات الدولة بالكوادر البشرية بكافة التخصصات، وفقاً لطبيعتها ودرجاتها. ولا أحد ينكر أنه ستطاع خلال هذه الفترة الطويلة مواكبة التطورات العلمية والعملية في مجال إدارة الموارد البشرية للدولة.
لقد لوحظ في السنوات السابقة ارتفاع مؤشر أرقام مدخلات طلبات التوظيف بمختلف التخصصات التي وصلت إلى (334301) حتى نهاية عام 2018. في حين أن تدني مؤشر مخرجات التعيين في القطاع العام يعود إلى الوصول إلى مرحلة ما فوق الإشباع في أعداد الموظفين بمختلف المؤسسات والدوائر الحكومية (البطالة المقنعة)، وأصبحت الدولة تعاني بشكل كبير من إتساع حجم نفقات الرواتب الكبير التي أصبحت من أهم أسباب عجز موازنة الدولة.
لقد اجتهدت الحكومات المتعاقبة في محاولات إيجاد الحلول لمشكلة البطالة خارج حدود الوظيفة العامة في الدولة، لا سيما بين خريجي الجامعات ولكن تفاقم الأزمات الاقتصادية وانكماش القطاع الخاص أسهم في محدودية فعالية الحلول التي طرحت لمعالجة هذه المشكلة.
أعتقد أن ديوان الخدمة قد تجاوز بشكل كبير موضوع التشكيك في عدالة التعيينات، وتنظيم الدور بين المتنافسين، وفقاً للأسس والأنظمة المعمول بها. إلا أنه في حالة عجزٍ مستمرةٍ في بحثه عن إيجاد الحلول الفعالة لمعالجة إكتظاظ طلبات التعيين، ولكن لا بد من القائمين على الديوان الاجتهاد و(التفكير خارج الصندوق) وابتداع الحلول والخروج من إطار النمط التقليدي في إدارة المؤسسة بالعمل الميداني. فلقد أصبح ذلك أمراً ضرورياً، كما فعل رئيس الديوان الأسبق نضال البطاينة الذي ما زال يتبنى نفس المنهج الفكري عند تعيينه وزيراً للعمل، في سعيه لتسويق جودة المنتج البشري الأردني المؤهل في السوق الإقليمي والعالمي، وتقليص جدول المهن المتاحة للعمالة الوافدة.
نعلم أن حجم المشكلة كبير، والأعباء كثيرة، وحيث أن المقام لا يتسع للحديث بالتفاصيل سوف أقترح بعض الحلول منها على سبيل المثال أولاً: تفعيل شراكة الديوان مع الجهات الحكومية مثل: وزارة الخارجية بإيجاد ممثل للديوان ذي خبرة ومقدرة في سفارات الدول التي ما زالت أسواق العمل فيها مفتوحة. ثانياً: فتح باب الشراكة مع الجهات الداخلية مثل: وزارة العمل غرف الصناعة والتجارة، صندوق التنمية والتشغيل مؤسسة التدريب المهني، صندوق المعونة الوطنية، النقابات المهنية وغيرها من المؤسسات المعنية. ثالثاً: التوسع في مجال البحث عن تعيين الفئة الثالثة في القطاعين العام والخاص، فهي تشكل الشريحة الأكبر بين المتعطلين عن العمل، وهم بالأغلب يعيلون عائلات كبيرة. على الحكومة تشجيع القطاعات الواعدة كالسياحة والزراعة والتي يمكن أن تستوعب أعداداً أكبر من العمالة المحلية ودعم وإحياء القطاعات الاقتصادية التي تقلصت وحتى اختفت لأسباب مختلفة. وفي النهاية أقول دائماً أن الإبداع هو سر التفوق والنجاح.
مواضيع ذات صلة