احمد ذيبان
كما يحدث في كل عام، بدأت الاستعدادات مبكرة لـ «حرب رمضان»! وهذا تعبير افتراضي ليس له علاقة بحرب رمضان عام 1973، فنحن أمام حالة نهم استهلاكي، تتكرر مع قرب حلول شهر رمضان المبارك، تتنافى مع طبيعة الشهر الفضيل وقاعدته الذهبية «صوموا تصحوا »، لكننا نمارس العكس حيث تتنافس المولات والمتاجر والمؤسستان الاستهلاكيتان المدنية والعسكرية، في تقديم العروض ويتسابق الناس لشراء سلع تموينية تفيض عن الحاجة وتخزينها.
عقدت اجتماعات عديدة تضم مختلف الجهات الحكومية، وفي القطاع الخاص المعنية بتوفير المواد الاستهلاكية للصائمين، وتخيلت أنه لم يبق غير إعلان حالة الطوارئ، كتلك التي تحدث لمواجهات المنخفضات الجوية.
وساهمت الحكومة هذا العام في سابقة غير مألوفة، بتشجع الناس على مزيد من الاستهلاك، بقرارها تأجيل أقساط القروض المستحقة على المواطنين للبنوك والجهات الرسمية المقرضة، كالضمان الاجتماعي وصندوق التنمية والتشغيل ومؤسسة الاقراض الزراعي.
وغيرها، وأنا شخصيا استفدت من هذا القرار مؤقتا، بحكم أنني مدين لاحد البنوك ومؤسسة الاقراض الزراعي ومؤسسة الضمان الاجتماعي، وباعتقادي أن هذا التأجيل عبارة عن حقنة مسكنة، ورغم الجانب الانساني للقرار، لكنني أظن أنه طالما أن غالبية الناس يعانون منذ سنوات، من تداعيات الأزمة الاقتصادية والاجتماعية وارتفاع الاسعار وزيادة الضرائب، فلن يختلف الحال كثيرا بالنسبة لهم، وكان الأحرى استثمار الفرصة، لتشجيع الناس على مزيد من «شد الأحزمة» على البطون وتحفيزهم على «الترشيق» الصحي.
وعلى سيرة الترشيق، أذكر أنه خلال الحرب العراقية الايرانية في ثمانينات القرن الماضي، أصدرت القيادة العراقية قرارا يقضي بوجوب ترشيق الأجسام، وبدأت القيادة مبادرة بتطبيق سياسة الترشيق، وبدت نتائجها واضحة بسرعة، حيث ظهر المرحوم طه ياسين رمضان نائب رئيس الجمهورية، وقد خسر من جسمه نحو 25 كيلوغراماً.
توفر الإرادة سلاح قوي بيد الإنسان، وكما هو حال من يريد الاقلاع عن التدخين يبدأ بخطو واحدة، فإن مقاومة الشهوات وانتهاج سياسة الترشيق أو «الريجيمات» مرتبطة بالإرادة، وأن يتصرف الصائمون باعتبار الصوم عبادة وتمرينا على الصبر وتحمل المعاناة الجسدية، وتعزيز صلة الرحم ومساعدة المحتاجين، وليس مناسبة لحشو المعدة بخليط من الأطعمة والشراب والحلويات في وقت واحد.
رمضان شهر مبارك وأجوائه جميلة، ويزدحم في كل شيء.. في الطعام والشرب والحلويات، والبرامج والمسلسلات التلفزيونية، وفي محاولات الغش وتسويق بعض السلع الفاسدة، وسنشهد خلال رمضان أزمات خانقة، في أماكن التسوق وفي الشوارع وخاصة في ساعات قبل وبعد الافطار، ولو كان الأمر بيدي لنصحت باتخاذ قرار «الزوجي والفردي» بالنسبة لقيادة المركبات للحد من أزمة المرور، وأدعو من تتاح له ظروفه لشراء احتياجاته الغذائية بعد الساعة الثانية فجراً.. وكل عام وأنتم بخير.
[email protected]