خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

الذكاء الثقافي يعزز المعرفة ويمكّن العلاقات الاجتماعية

No Image
طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
د. أمينة منصور الحطاب مستشارة نفسية وتربوية من القصص التراثية الشهيرة التي يعرفها الصغار والكبار في كل مكان قصة ليلى والذئب، وأكاد أجزم أن الأمهات والجدات يتلذذن بسردها على الأطفال وكأنها من متطلبات النمو والحياة وكلٌّ يسردها بطريقته ويضيف لها نكهته وقيمه فهذه تؤكد أهمية تنفيذ التعليمات وتلك تتحدث عن الدقة والالتزام وأخرى تشير إلى احترام الجدات وهكذا دواليك... فهل فكرتم يومًا في سماع القصة من وجهة نظر الذئب.؟!!

فعلى لسان ابن الذئب: كان أبي ذئباً لطيفاً طيباً لا يأكل اللحوم وقد قرر أن يكون نباتيًا، وكانت هناك فتاة شريرة تعيش في الغابة وتسكن مع جدتها اسمها ليلى، تخرج ليلى كل يوم إلى الغابة لتقتلع الزهور وتدمّر الحشائش التي يقتات عليها أبي، حاول أبي أن يثنيها عن ذلك لكن دون جدوى فقد كانت تعانده وتقطع الحشائش، فقرر والدي أن يزور جدتها ويخبرها بأفعال ليلى، وعندما طرق الباب فتحت الجدة لكنها كانت شريرة أيضًا فأحضرت العصا وهجمت على أبي المسكين دون أن يتعرض لها، فدافع عن نفسه ودفعها بعيداً عنه فسقطت وارتطم رأسها بالسرير وماتت الجدة، فتأثر أبي كثيراً وأخذ يفكر بليلى كيف ستعيش بدون جدتها، فقام ولبس ملابس الجدة ونام في سريرها، لكن ليلى الشريرة لاحظت التغيير في شكل جدتها، فخرجت تصرخ وأخذت تنشر الإشاعات بأن أبي الذئب أكل جدتها إلى يومنا هذا..!!

يعد الذكاء الثقافي نشاطا اجتماعيا وجزءا رئيسا من حياة الفرد، فمن يمتلك مهارات الذكاء الثقافي تفتح أمامه ميادين كثيرة للمعرفة، ويحقق مكاسب كثيرة في مجال العلاقات الاجتماعية، فكم من حقوق أهدرت وكم من أحكام أصدرت بطريقة خاطئة وكم من فرص للتعلم ضاعت بسبب قصور الذكاء الثقافي الذي يُعرف بأنه قدرة الفرد على إقامة علاقات شخصية تتسم بالكفاءة مع أشخاص ينتمون لثقافات مختلفة عن ثقافته وقدرته على فهم الاشارات والرموز اللفظية وغير اللفظية والاستجابة لهذه الاشارات بشكل توافقي في تلك الثقافات التي تختلف عنه.

ويشير مصطلح الذكاء الثقافي بصورة جزئية إلى مهارات التفكير العامة التي يستعملها الفرد لايجاد مفهوم يتصل بالسؤال الآتي: كيف يندمج الناس في ثقافة جديدة مغايرة لثقافتهم الأصلية ويتصرفون كما تريد الثقافة الجديدة؟ ولماذا؟ ويرى العالم باترسون أن الذكاء الثقافي هو: القدرة على الانخراط في مجموعة من السلوكيات التي تستدعي استخدام مهارات محددة مثل المهارات المغوية والمهارات الاجتماعية، ومجموعة من الخصائص مثل المرونة التي يتم تحويلها بشكل متوافق مع قيم واتجاهات الأفراد الذين يتفاعل معهم الفرد.

ويتطلب الذكاء الثقافي عدة أنواع من المهارات تتمثل في فهم الهوية الثقافية وكيف نفكر بشأن أنفسنا والآخرين وأساليب الحياة التي عرفناها وعشنا في ثناياها، وتفحص الرؤية الثقافية في فهم الاختلاف في إطار الخلفيات الثقافية وتحديد الكيفية التي تؤثر فيها تلك الخلفيات في التفكير والسلوك، ورؤية العالم من وجهات نظر متعددة ونقل وجهات النظر هذه الى الافراد من مختلف الثقافات، وكذلك الاتصال الثقافي العالمي وتبادل الافكار والمشاعر مع أفراد من خلفيات ثقافية متنوعة، وادارة الصراع الثقافي بطريقة بناءة وفعالة، والعمل كفريق مع الآخرين من ذوي الخلفيات الثقافية المتنوعة وعدم التحيز، وأخيرا فهم ديناميكية القوة واستيعاب كيفية ترابط الثقافة وتأثيرها على كيفية رؤية العالم والتواصل مع الاخرين.

إن ممارسة الذكاء الثقافي أمر مفيد وضروري لجميع أفراد المجتمع فهو يساعد على إقامة علاقات شخصية وإنسانية، وللذكاء الثقافي مكونات ثلاثة هي المكون المعرفي الذي يتمثل في فهم الفروق بين الثقافات والقدرة على تحليل العناصر الثقافية واستخدامها في السلوك الشخصي، والمكون الفيزيقي وهو القدرة على فهم الإشارات الجسمية والعادات والإيماءات والرسائل غير اللفظية ذات المعنى التي تحددها كل ثقافة على حدة، والمكون الانفعالي الذي يشير إلى قدرة الفرد على التعاطف وتفهم المشاعر وأفكار الأفراد الذين ينتمون إلى ثقافات متغايرة.

أما بالنسبة لأبعاد الذكاء الثقافي ومكوّناته فقد توصّل الباحثون إلى أن هناك أربعة أبعاد رئيسة هي: المعرفة (Cognitive) ويهتم هذا البعد بفهم الفرد لأوجه التشابه والاختلاف بين الثقافات وانعكاسها على الهيكل المعرفي العام والخرائط الذهنية للثقافات المختلفة، ويشمل ذلك المعرفة العامة حول النظم الاقتصادية، والقانونية، والأعراف، والتقاليد، وطبيعة التفاعل الاجتماعي، والمعتقدات الدينية، والحرف التراثية واللغة في تلك الثقافة المختلفة، أما البعد الثاني فنجده في ما وراء المعرفة Met-cognitive ويقصد بها العمليات العقلية التي تمكن الفرد من إدراك ما يدور حوله حينما يتعرض لمواقف وخبرات في ثقافات مختلفة، وتعود مصادر تلك القدرة على ما يمتلك الفرد من فهم للمعرفة الثقافية واستيعابه للمهارات التي يتطلبها العيش في تلك الثقافة، وتتجلى آراؤهم بالقدرة حينما يحكم الفرد أفكاره وأفكار الآخرين؛ وهذا يشمل أيضا وضع الاستراتيجيات قبل التفاعل مع الثقافات المختلفة والتحقق من الفرضيات خلال التفاعل وتعديل الخرائط الذهنية في حال اختلفت الاستراتيجيات الحقيقية عن التوقعات.

ويتمثل البعد الثالث في الدوافع (Motivations) ويقصد بها مصلحة الفرد التي تدفعه لمواجهة الثقافات الأخرى والتفاعل مع أفرادها، فالدوافع تحجم وتوجه طاقة التعلم والعمل في الثقافات المختلفة، والتي تضمن إعطاء قيمة للمكان والأفراد في الثقافات المختلفة فضلا عن شعورهم بالثقة التي تدفعهم إلى العمل بفاعلية في تلك البيئات، والبعد الرابع والأخير وهو السلوك (Behavior) والمراد به قدرة الفرد على التوافق مع السلوك اللفظي وغير اللفظي المناسب في الثقافات المختلفة، ويتضمن وجود مرجع مرن من الاستجابات السلوكية التي تتناسب مع المواقف المتعددة وتعديل ذلك حينما تتطلب مواقف العيش في الثقافة الأجنبية ذلك.

ولكي يعد الفرد ذكي ثقافياً لا بد للفرد أن يعتمد على معرفته ورغبته في محاولة تقليد العادات والتقاليد للثقافات المختمفة، وأن يكون قادرا على التكيف مع سلوكيات الثقافات في البلد الذي يكون فيه كما وأن الأفراد ذوي الذكاء الثقافي أكثر قدرة على التكيف مع أصحاب الثقافات المتنوعة، وهم أكثر قدرة على التعامل العاطفي مع الأفراد من الثقافات الأخرى.

كما يرى علماء النفس أن الأفراد ذوي الذكاء الثقافي المرتفع لديهم رغبة في طرح الأسئلة، ووضع الذات في مواقف جديدة، ومحاولة القيام بممارسات جديدة عليهم، والشعور بالمتعة الناتجة من التفاعل مع أفراد من خلفيات ثقافة أخرى. كما يتصف الأفراد ذوو الذكاء الثقافي المرتفع بميزة مهمة وهي أنهم يحتفظون بأحكامهم وآراؤهم حول موقف معين حتى يعملوا على تقييم مجموعة من المتغيرات المؤثرة في هذا الموقف، إضافة إلى قدرتهم على فهم المعارف التي يكتسبونها من هذا الموقف

[email protected]
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF