اتفاقية الغاز.. طرح للثقة أم شكر للحكومة
11:00 11-4-2019
آخر تعديل :
الخميس
لقد شهدنا في الآونة الأخيرة جلسة ساخنة لمجلس النواب حول ما يعرف بقضية إستيراد الغاز بين شركتي الكهرباء الأردنية وانيرجي (الإسرائيلية)، التي أحالتها الحكومة للمحكمة الدستورية لبيان الرأي القانوني. وأنا أجزم لو كان هناك تصويت لرفضت بالاجماع. فهل كانت الحكومة ملزمة بعرض بعد ذلك الاتفاقية على مجلس النواب بهذا الشكل ام أن ذلك ذكاءِ سياسي تُشكرعليه الحكومة بأن قدمت خدمة جليلة لأعضاء مجلس النواب بعرض الإتفاقية على المجلس، وهو ما لم تفعله الحكومات السابقة وهي تعلم أنها دستورياً غير ملزمة بذلك، فإذا عرف السبب بَطُل العجب، فلقد كان عرضها ليس ترفاً ديمقراطياً من الحكومة، بل ذكاء سياسي، مفاده عدم رضى الدولة الأردنية عما تقوم به إسرائيل من إجراءات واعتداءات في القدس مخالفة لإتفاقية السلام معها. وكذلك على اعتبار ان الموقف المتشدد لمجلس الأمة الرافض للإتفاقية، هو تأييد شعبي ورسمي لموقف جلالة الملك الحاسم في مواجهة الإجراءات الإسرائيلية في القدس ورداً على ما يطلق عليه بمشروع (صفقة القرن).
إنني أجزم أن كافة أعضاء مجلس النواب يعلمون علم اليقين أن المادة (33/2) لا تنطبق على الإتفاقية، وأن الحكومة سوف تعرض المسألة لاحقاً على المحكمة الدستورية، وأن المحكمة سوف تقر بصحة عدم عرض الإتفاقية على المجلس للتصويت، إستناداً للقرار التفسيري للمجلس العالي لتفسير الدستور رقم (1) لسنة 1962 الذي فسر المادة (33/2) من الدستور بأن موافقة مجلس الأمة على مثل تلك الإتفاقيات يتم بالحالة التي يكون طرفاها دولتان أو أكثر. وبالتالي فإن هذه الإتفاقية تعتبر نافذة بمجرد التوقيع عليها دون حاجة لمصادقة مجلس النواب، والاكتفاء بمصادقة مجلس الوزراء عليها فقط.
لقد قبلت الحكومة ومجلس الأمة أن يلعبا لعبة الديمقراطية بامتياز، فلكل منهما نواياه وأسبابه وكلاهما مستفيد. فالحكومة استطاعت أن تضرب أكثر من عصفور بحجر واحد فهي من جهة قدمت لأعضاء المجلس خدمة لإستعراض مواقفهم الوطنية امام الشارع الأردني، للتخفيف من خنق وعدم ثقة ورضى الشارع الأردني عن إنجازتهم، ومن جهة أخرى قامت بإيصال ما تريده من رسائل سياسية خارجية، للجانب الإسرائيلي والأميركي، تعبر بها عن الموقف الشعبي والرسمي الرافض مسبقاً للإجراءات الأحادية التي يقوم بها الطرفان. وفي نفس الوقت المضي بالصفقة التي لا مفر من تطبيقها، والتي توفر على الدولة مئات الملايين من الدنانير سنويا. هناك من النواب من يريد طرح الثقة بالحكومة، فماذا يريد المجلس من ذلك بعد مضي حكومتين على توقيع الإتفاقية، وهل طرح الثقة سوف يلغي الصفقة، وهم يعلمون أن هناك شرطاً جزائيا بقيمة المليار ونصف المليار في حالة الإخلال بالاتفاقية؟، أم أن ذلك مجرد استعراض شعبي لا أكثر.