فقدت الأحزاب الاردنية الكثير من قواعدها الشعبية وأضاعت بوصلتها باعتبارها محورا رئيسيا في خلق التوازن بالمشهد السياسي والأنتخابي. وانعكس ضعف أداء هذه الأحزاب على تعاطي عموم الاردنيين معها، بعد أن بات أغلبهم يرى في الأحزاب «أدوات شخصية وانتخابية سرعان ما يخبو صوتها بانتهاء المصلحة الشخصية والانتخابية.
وفي ظل حالة الكساد السياسي التي يعيشها الأردن، اتجهت الأحزاب الأردنية إلى تفضيل الأعمال المجتمعية على العمل السياسي. وقصّرت معظم أنشطتها على أصدار البيانات والتصريحات الإعلامية، بل وأخذ البعض منها منحى ترفيهياً بحتاً.
ناهيك عن أن الوضع الذي تعيشه الأحزاب اليوم والذي يعزى في أغلبه للسياسات التي تمارسها العديد من هذه الأحزاب وغالباً ما يتسم بالعائلية، بمعنى آخر سيطرة أسرة واحدة على رئاسة وأمانات الحزب إلى جانب برودة السياسات الحكومية تجاه الأحزاب ودورها الوطني وقناعتها بذلك فضلاً عن تهميشها ومحاولة أضعافها.
ورفض الأحزاب فكرة وجود حزب آخر منافس لها على الساحة الوطنية، ما ترك موروثاً تاريخياً لديها بأنه لا مكان للمعارضة.
وحيث أن علاقة بعض أمناء الأحزاب ونواب بالبرلمان بالحكومة وبعض ممارساتهم غير المقنعة لدى الشارع، زرع إحساسا لدى الشارع بأن هذه المعارضة هي وهمية و(مصلحجية)، لذا ضعف ظهور الأحزاب بموقف المعارضين المقنعين لدى الشارع، ولم يعد أمامها سوى مسار واحد من اثنين، إما تأييد السلطة وإما الهروب إلى الأنشطة الاجتماعية وتجارة المساومات للمواقع القيادية في الدولة ومؤسساتها.
ومع انسداد الأفق السياسي للكثير من رموز الأحزاب السياسية، اعتقد أن العمل المجتمعي العشائري يمكن أن يكون بديلا عن العمل السياسي الحقيقي لها، خاصة أن غالبية رؤساء الاحزاب لديهم انتماءات عشائرية ليست بالبسيطة والقدرة على الإنفاق عكس الأحزاب التقليدية التي تعاني شحا في التمويل.
الكثير من الأحزاب العاملة على الساحة الأردنية خالية سياسياً وليست لها جماهير أو أدوار أو تأثيرات، وبرامجها السياسية متشابهة وغير واضحة؛ لأن برامجها تخلو من أي توجه سياسي أو اقتصادي او ثقافي او بعد وطني واضح، ومع تشابه هوياتها وبرامجها إلى حد بعيد بحيث يصعب التمييز والتفرقة بينها على أساس فكر الحزب وتوجهاته وبرامجه. كما وتتداخل معظم الأحزاب في ما بينها من حيث الأهداف ما يُصعّب من المفاضلة والاختيار في ما بينها.
ولمواجهة هذه المشكلة وتحقيق لما يتطلع له من دور سياسي للاحزاب من الاهمية الزامها بنص القانون على أن يكون لكل واحد منها أكثر من خمسة الاف عضو فاعل لإجبار المتشابه منها على الاندماج، وحل من يفشل في تحقيق تلك الاشتراطات لضمان وجود أحزاب قوية قادرة على الوصول للمجتمع والمنافسة على تشكيل الحكومات. ويقدر عدد الأحزاب المرخصة 48 حزبًا، و 19 حزبًا تحت التأسيس، تتلقى دعما حكوميا. يتركز جميعها في عمان، وإن كان البعض منها قد جعل فروعاً لها بالمحافظات التي ينتمي إليها رئيسها، وهذه لا تمثل سوى عدد محدود.
مواضيع ذات صلة