إقرار مجلس الأمة للقوانين المؤقتة
11:30 24-2-2019
آخر تعديل :
الأحد
يعكف مجلس الأمة بشقيه الأعيان والنواب هذه الأيام على إقرار قانونين مؤقتين هما قانون العمل الأردني لعام 2010 وقانون الأحوال الشخصية لعام 2010، حيث تنبع أهمية ما يقوم به المجلس من إجراءات تشريعية من أنها تقع على قوانين مؤقتة صدرت قبل التعديلات التي خضعت لها المادة (94) من الدستور الخاصة بالقوانين المؤقتة في عام 2011، وذلك بهدف الرقابة على هذين القانونين المؤقتين وتحويلهما إلى قوانين دائمة وفق أحكام الدستور.
فبموجب التعديلات الدستورية لعام 2011، فقد أوجد المشرع الدستوري إطارا زمنيا ملزما لكي يبسط مجلس الأمة رقابته على القوانين المؤقتة التي يصدرها مجلس الوزراء خلال فترة التي يكون فيها مجلس النواب منحلا، وذلك خلال دورتين عاديتين متتاليتين، بحيث يجب على مجلس الأمة خلال هذه الفترة الزمنية مراجعة تلك القوانين المؤقتة التي صدرت في غيابه، وإصدار القرار المناسب إما بإقرارها أو تعديلها أو رفضها.
وعلى ضوء نفاذ هذا التعديل الدستوري، فقد صدر عن المجلس العالي لتفسير الدستور القرار رقم (2) لسنة 2012 الذي تضمن حكما تفسيريا مفاده أن القوانين المؤقتة التي أحيلت على مجلس الأمة قبل نفاذ التعديلات الدستورية لعام 2011 مستثناة من تطبيق الشرط الزمني الذي يوجب على مجلس الأمة البت فيها خلال دورتين عاديتين متتاليتين من تاريخ إحالتها، وبأن هذا الحكم ينطبق فقط على ما يحال على مجلس الأمة من قوانين مؤقتة بعد تاريخ نفاذ التعديلات الدستورية لعام 2011.
وكنتيجة لهذا القرار التفسيري، فقد استثنيت القوانين المؤقتة التي صدرت قبل نفاذ التعديلات الدستورية لعام 2011 من الإطار الزمني المقرر لغايات إقرارها من مجلس الأمة، ومن ضمنها القانونان المؤقتان المطروحان حاليا أمام مجلسي الأمة. فلا يوجد أي إلزام دستوري على مجلس الأمة أن يقوم بإقرار هذه القوانين المؤقتة التي أحيلت عليه قبل عام 2011 خلال فترة زمنية معينة،و ذلك على الرغم من اتفاق الفقه الدستوري على أن سلطة مجلس الوزراء في إصدار القوانين المؤقتة هي اختصاص استثنائي يبرره غياب السلطة التشريعية، وأنه لا بد وأن يعود لها الاختصاص الأصيل في التشريع بعد إعادة تشكيلها، بشكل يشمل الرقابة على كافة التشريعات التي صدرت في غيبتها.
إن التحدي الأبرز الذي يقف أمام مجلس الأمة يتمثل في كيفية التعاطي مع هذه القوانين المؤقتة التي لا يخضع إقرارها للإطار الزمني المحدد في المادة (94) المعدلة من الدستور والتي تمثل عددا ليس بالقليل. وما يزيد من أهمية هذه المسألة الدستورية أن هناك عددا من القوانين المؤقتة التي جرى تحويلها إلى مجلس الأمة منذ عشرات السنين ولم يتم إقرارها بعد، كقانون تنظيم المدن والقرى والأبنية المؤقت رقم (79) لسنة 1966، وقانون حماية أسرار ووثائق الدولة المؤقت رقم (50) لسنة 1971، فهما لا يزالان قانونين مؤقتين بانتظار أن يمارس مجلس الأمة رقابته التشريعية عليهما لتحويلهما إلى قانونين دائمين.
لذا، فهناك حاجة ماسة إلى أن يبادر مجلس الأمة إلى تحديد إطار زمني واضح للتعامل مع هذه المجموعة من القوانين المؤقتة التي ما زالت حبيسة الأدراج وبانتظار الإفراج عنها، وذلك لكي يمارس سلطاته التشريعية عليها وفق أحكام الدستور.
laith@lawyer.com
أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق/الجامعة الأردنية