الاب رفعت بدر
أبدع الأشقاء الاماراتيون بتنظيم مؤتمرهم الدولي: الأخوّة الانسانية، وباستقبال البابا فرنسيس في زيارته الأولى إلى منطقة الخليج العربي. ونعرف نحن سكان الاردن مقدار الجهد المضني الذي يبذل لاستقبال البابا، ذلك أننا وفلسطين قد عشنا التجربة بنجاح أربع مرات في خمسين عاماً.
أتحدث عن الأمر اليوم ليس كرجل دين شارك بالقداس الحاشد، ولا بصفة محلل لواحدة من أهم الوثائق المشتركة بين المسلمين والمسيحيين: وثيقة الأخوة الانسانية الموقعة بين البابا فرنسيس وشيخ الازهر الدكتور أحمد الطيب، وإنما سأتحدث عن المرافقة الاعلامية التي واكبت الأحداث الكبيرة.
تمت الموافقة على اكتتاب سبعمائة صحفي وإعلامي للزيارة، وهو بالطبع رقم غير سهل. منهم ممثلو الاعلام المحلي والعربي والدولي، ومنهم سبعون صحفياً يمثلون كبرى الوكالات الاعلامية العالمية يأتون على متن الطائرة البابوية وكان بينهم صحفي يمثل وكالة الأنباء الاماراتية » وام » وصحف محلية أخرى. وهكذا، وعلى مدار أيام من العمل الدؤوب، تمكنت الدولة الشقيقة من الحصول على تغطية رائدة للأحدث التي جرت.
كان الاعلام العربي حاضراً بقوة، وبالأخص عبر الفضائيات الكبرى التي وجدت في المدينة الاعلامية في دبي مركزاً لها، وكان من الممكن أن تكون هذه المدينة لدينا في الأردن، وأذكر قبل سنوات أنه تمت دراسة الأمر جيداً لدينا، لكني لست متأكداً لماذا لم نتمكن من انجاز المهمة إلا بطريقة متواضعة.
المهم انّ وجود هذا الكم الهائل من وسائل الاعلام العربي والأجنبي قد جلب للأحداث زخماً نوعياً وعددياً، وقد تم التركيز على إيجابيات الزيارة البابوية والوثيقة المشتركة مع الأزهر، والقداس الحاشد الذي جرى في الامارات لأول مرة في الهواء الطلق وبشكل أبهر التوقعات، حيث كان من المتوقع مشاركة 150 ألفاً في القداس، فجاء 180 ألفاً وكان جو الصلاة والصمت مؤثراً ومضيفاً أجواء من القداسة على الحدث.
ركز الاعلام، وركزنا في مداخلاتنا المكثفة على أن دولة الامارات والفاتيكان قد أبرمتا العلاقات الدبلوماسية عام 2007 وهي علاقات مميزة ومتميزة بالصداقة، وركز على قرب البابا والفاتيكان من القضايا العربية. وليس هنالك مسيحيون أصلاء في الامارات، مثل دول الشرق الأوسط لكنها استطاعت أن تحفظ الحرية الدينية أو حرية العبادة لجميع الوافدين من مختلف الإثنيات والقوميات والديانات، فأمنت لهم منذ نشأتها بيوت عبادة، لذك جاء الحدث الكبير في سنة التسامح وفي بلد وزارة التسامح وفي اسبوع الوئام بين الأديان، مميّزا، ومضيفا للامارات الشقيقة مزيدا من السمعة العالية والايجابية.
وثالثاً لقد تم تسليط الضوء على الانتقال في العلاقات الاسلامية المسيحية من مرحلة التنظير والكلام الانشائي، إلى مرحلة العمل والتعاون على أرض الواقع وهو ما تضمنته الوثيقة الموقعة بشكل واضح. ورابعاً لقد نشأت مراكز حوار ضخمة في السنوات الأخيرة في مختلف البلدان العربية. وآن الأوان لإيجاد آلية تنسيق بين مختلف المراكز والمبادرات، لكي لا يبقى كل واحد يغرّد بمفرده بل يكون هنالك تناسق في الأصوات والرسائل، لإيجاد أمل نقدمه للأجيال الطالعة. لقد خرجت في السنوات الماضية، بيانات او نداءات او اعلانات حملت اسم العواصم التي وقعت فيها، ولا نريد لهذا النداء من ابو ظبي، ان يطويه الزمن، نريد من كل مؤسسة شاركت بالحدث، أن تعمل وبشكل فوري على التقاط الرسائل الايجابية التربوية والانسانية، والعمل على تطبيقها على أرضية الواقع الصلبة. وعلى الاعلام، بدون شك، المسؤولية الكبيرة في ذلك.
[email protected]