خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

حروب الجيل الرابع وما بعدها ومصير الشرق الأوسط (1)

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
د. شهاب المكاحله

يُحب الكثير من الكتاب التركيز على مصطلحات من مثل الحروب القديمة والحديثة ولكن الخبراء في الغرب، وتحديداً في الولايات المتحدة، يُحبون تسمية الأمور وفق مراحل أو أجيال: فهناك مقاتلات ودبابات ومفاعلات وحروب قُسمَت إلى أجيال لأن هذه التصنيفات تُسهِل رسْمَ التكتيكات والاستراتيجيات.

وللتعربف بما يعني هذا المصطلح وما هي أبعاده الدولية والإقليمية، لا بُدَ من التعرض أولاً إلى سرد تاريخي عن تلك الأجيال من الحروب قبل الخوض في غمار حروب الجيل الرابع وحتى الخامس والسادس. فالجيل الأول من الحروب يُعرف بالتقليدي، وهو الذي بدأ بعد معاهدة ويستفاليا 1648 ونشأة الدولة القومية الحديثة.إذ اعتمدت الدول في تلك الفترة على البندقية والصفوف المتقاربة، وانتهي هذا الجيل من الحروب بعد الاعتماد بصورة واسعة على البندقية الحديثة والمدفع الرشاش. وتعتبر الحروب النابليونية من أبرز أمثلة حروب الجيل الأول.

أما الجيل الثاني فيعرف بالحروب الكونية لأن الجيوش المتحاربة كانت تتكتل في تحالفات وتستخدم أحدث ما توصلت إليه من ابتكارات عسكرية منها المدافع الرشاشة والأجيال الجديدة من المدافع العملاقة ذات المديات الكبيرة. كما تتميز بانتشار الجيوش في خطوط دفاعية وهجومية متوازية، وأبرز الأمثلة على هذا الجيل من الحروب هي معارك الحرب العالمية الأولى.

وحروب الجيل الثالث تُعرف بالحروب الاستباقية (Preventive) أو (Pre-emptive) لأنها تحدث بسرعة بسبب استخدام الألوية المدرعة والطائرات لنقل القوات لمسافات بعيدة في قلب العدو. وأبرز أمثلتها بالطبع تكتيكات الجيوش في الحرب العالمية الثانية إذ استخدمت أحدث التكنولوجيات في ذلك العصر في تلك الحروب بل وشُيدَت مصانع عسكرية كانت نواة الصواريخ الباليستية الحديثة.

أما حروب الجيل الرابع والتي تعرف بـ (Fourth Generation Warfare) أو (W4)، فهي الأكثر انتشاراً اليوم؛ فهي معقدة وطويلة المدى، وتستند إلى العامل النفسي بكثافة وتتمتع باللامركزية إلى درجة كبيرة، وتستعين بوسائل الإعلام للتأثير على الشعوب والدول كما أنها تعتمد بدرجة كبيرة على سلاح الاقتصاد. وهنا تتيح حروب هذا الجيل انتاج عصابات مسلحة أو مافيات أو ما يُطلق عليها بالميليشيات التي تعمل ضد دول مثل تنظيمات (القاعدة وداعش وغيرها).

ويُعرِفُ علماء السياسة حروب الجيل الرابع بـ (الحروب اللامتماثلة) أو غير المتجانسة (Asymmetric Warfare) بأنها حروب دول ضد أشباه دول أو ما يُعرف بـ (Non-State Actors) إذ يتم إنهاك واستنزاف جيوش الدول النظامية على يد خلايا إرهابية أو ميليشيات تنشط في دول لضرب مصالحها لصالح دول أخرى.

حروب الجيل الرابع هي تعبير سياسي وعسكري ظهر في الكتابات الأميركية تحديداً في نهايات العام 1989 مع بدء إنهيار الاتحاد السوفياتي. وعاد المفهوم لينتشر كالنار في الهشيم بعد انطلاق ما عُرف بـ"الربيع العربي" وما سبقهُ من نظرية الفوضى الخلَاقة في الشرق الأوسط.

وتَستخدم حروب الجيل الرابع جميع الشبكات المتاحة–السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية–لإقناع القادة وصُنَاع الرأي على الجانب الآخر (العدو) بأن أهدافهم الاستراتيجية إما غير قابلة للتحقق أو أنها باهظة التكلفة من حيث الفائدة المرجوة وهذا النوع من الحروب يهدف بالمقام الأول إلى مهاجمة عُقول قادة الدول الأخرى والتأثير على شعبيتهم وبالتالي قتل الإرادة السياسة في تلك الدول تمهيداً لانهيارها أو للحصول على تنازلات سياسية منها.

وهذا النوع من الحروب أقرب ما يكون إلى الوسائل الإستخباراتية منه إلى الأدوات العسكرية مستغلاً الإعلام والاقتصاد لخلق جو عام يُدعى (Atmospherics) للتأثير على الرأي العام تمهيداً لخلقَ حالة من الاستياء ضد الأنظمة الموجودة بدءاً من تهديد الأمن القومي للدول المستهدفة إلى استغلال المشكلات اليومية التي يعاني منها مواطنو تلك الدول من أجل ممارسة الضغط على حكوماتها لأن الشعب إذاك يكون على استعداد لمناهضة النظام الحاكم وكل ما يحتاجه فقط هو الدعم الإعلامي واللوجستي لصب الزيت على النار.

لذلك، كان لا بد من إيجاد وسائل للتواصل الاجتماعي التي تتيح فيما بعد تحقيق هدف حروب الجيل الرابع. فظهرت مواقع التواصل مثل "فيسبوك" و"تويتر" وغيرها والتي يمكن من خلالها إيصال رسائل مشفرة وتحريضية ضد نظام حُكمٍ ما وخيرُ مثال على ذلك ما شهدته الساحة العربية منذ العام 2011.

ولإحداث ثغرة كبيرة في المجتمع، لا بُد لهذا الجيل من الحروب من العمل على وتر الحروب الطائفية وإذكاء النعرات العرقية ودق إسفين بين أفراد المجتمع وخصوصاً في دول بها أقليات قومية وديانات ومعتقدات متعددة تمهيداً للتجزئة فيما بعد على أسس قومية ودينية وإثنية.

وفي الختام، ستكون الكثير من الدول العربية فيما بعد مستهدفة في هذا النوع من الحروب وما بعدها تمهيداً لشرذمتها مع التركيز على بعض تلك الدول من الناحية السياسية والاقتصادية والثقافية لموقعها الاستراتيجي إقليمياً ودولياً للحصول على تنازلات. فهل دولنا العربية على استعداد لتلك الموجات من حروب الجيل الرابع وما بعدها؟!

[email protected]

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF