خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

حوار مع رئيس الوزراء في الجامعة الأردنية

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
د. جواد العناني

حضرت اللقاء الذي عُقد يوم الأحد بتاريخ 9/9 وحاضر فيه دولة رئيس الوزراء د. عمر الرزاز عن مخطط سياساته في الإصلاح السياسي والاقتصادي. وقد نظم هذا اللقاء الدكتور موسى شتيوي وصحبه الكرام في مركز الدراسات الاستراتيجية بالجامعة الأردنية، وبحضور رئيس الجامعة الجديد الدكتور عبدالله القضاة.

وقد ابتدأ الرئيس باستعراض تاريخي لمجمل التحديات التي واجهها الأردن منذ عام 1989. وقال إن الأردن الذي عانى آنذاك من ارتفاع المديونية تمكن خلال عقد التسعينات، وبالتفاوض مع صندوق النقد الدولي، من تحقيق الاستقرار المالي والنقدي في الأردن، وتمكن من تهبيط نسبة المديونية حتى نهاية عام 2003. ولكن الذي حصل بعد ذلك ان وتيرة النمو ارتفعت إلى معدلات محترمة وصلت حتى نهاية عام 2008 في حدها الأقصى إلى (8.4%)، وبمعدل يفوق (7%) خلال الفترة (2003-2008). ولكن الحكومات آنذاك، زادت في الإنفاق العام حيث قامت بالتوسع في الاقتراض بدون مبررات كافية، وخصخصت شركات لم يكن لتخصيصها داعٍ مثل الفوسفات والبوتاس، وهكذا ارتفعت نسبة المديونية إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى أكثر من (70%)، النسب المحددة بموجب قانون الدين العام.

ولما حصل التراجع في الاقتصاد العالمي عام 2008 بعد التدهور المالي في الولايات المتحدة، وانقطع الغاز المصري، واندلع الربيع العربي، وأغلقت حدود مهمة لنا مع جيراننا في الشمال والشرق، وتراجعت أسعار النفط، ثم عادت فارتفعت أدت كلها إلى زيادة نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الاجمالي خاصة بعد ارتفاع اعداد اللاجئين مما دفع الاردن الى التوقيع على برنامج تصحيح اقتصادي جديد مع صندوق النقد الدولي.

وقال رئيس الوزراء إن المواطن يدفع الآن ما معدله (26%) من متوسط دخله من الناتج المحلي الإجمالي ضرائب. وقال أن هذه النسبة مرتفعة قليلاً عن المعدل العالمي، ولكن توزيعها غير عادل لأن هذه النسبة هي تساوي ما يدفعه فعلياً قليلو الدخل، ومتوسطو الدخل والاغنياء وهذا ظلم وخلل كبير في التوزيع لان مفهوم الضريبة يجب ان ينطوي على تكافل اجتماعي يقدم الغني بموجبه نسبة أعلى من دخله حتى تقوم الحكومة بتحويله إلى مشروعات تنموية وبنى تحتية تفيد الاستثمار ويعيد توزيع الدخل بين المواطنين بشكل أكثر عدالة وإنصافاً.

وفي هذا المجال أود أن اقول أن نسبة ما يتحمله المواطن الأردني من غرامات ورسوم وضرائب مباشرة وغير مباشرة هي أعلى على كاهله من نسبة بـ (26%) التي ذكرها رئيس الوزراء. فهذه النسبة لا تحسب من مجموع الناتج المحلي الاجمالي، بل تحسب من الدخل الصافي المتصرف به لأن الناتج المحلي الإجمالي يشمل نفقات الحكومة. أما ما يشعر به المواطن من عبء فهو أثقل. لأنه يحسبها من الدخل الصافي الذي يوجه إما للإستهلاك أو الادخار. ولو حسبنا نسبة إيرادات الحكومة المحلية إلى صافي الدخل المتصرف به فسوف تبلغ النسبة حوالي (39%). أي أن المواطن يدفع بالمعدل حوالي خمسي دخله للحكومة المركزية والحكومة المحلية.

وفي معرض حديثه عن أهم التحديات تحدث الرئيس عن فجوة الثقة بين المواطن والحكومة، علماً أنه كان يستخدم كلمة الدولة، وهو خطأ شائع ولكن يجب أن ينتبه دولته إلى التفريق بين حكومة ودولة. وفجوة الثقة تزداد بسبب الإحصائيات المتباينة.

فعلى سبيل المثال، تقول الإحصاءات أن معدل التضخم بلغ عام (2017) حوالي (3.3%). بينما يشعر المواطن ان الرقم هو ضعف ذلك على الأقل. والسبب أن تراجع خدمات الحكومة التعليمية والصحية والبلدية (المياه) تدفعه لشرائها من السوق بأسعار اعلى من الاسعار التي تبيعها بها الحكومة. وهنالك فجوة أيضاً بين ما تقوله الحكومة عن خط الفقر، فهو (360) ديناراً بموجب آخر إحصاء أجري لهذه الغاية، بينما يشعر المواطن أنه ضعف ذلك على الأقل. وفي ضوء تراجع النقل، واضطرار الأسر لشراء سيارات وتكبد نفقاتها الكبيرة من وقود وترخيص وتسجيل ومخالفات وصيانة وازدحام وحوادث، واضطراره كذلك لشراء هاتف خلوي لكل بالغ في أسرته، فقد أصبح عبء الإنفاق كبيراً لا يكاد يطاق.

وتحدث الرئيس عن الإصلاح السياسي منطلقاً في ذلك من ثلاثة قوانين وهي الانتخابات، والأحزاب، واللامركزية. وهذه القوانين لا تشكل فجوة ثقة مع الحكومة وحدها، بل ومع الدولة بكامل مؤسساتها. وسوف استثني جلالة الملك ليس رياءً، ولكنني قرأت الأوراق النقاشية السبع بكل دقة، ووجدت أن رئيس الوزراء الذي أشار إليها وتحدث عنها لم يشر إلى قول جلالته أنه يريد مواطناً فاعلاً، ومجلس نواب فاعلاً، ومجلس وزراء فاعلاً، وكلمة فاعل هي مفتاح الحل، ويبدأ دور الحكومة في حفز التفاعل عن طريق تقديم قانون انتخابات عصري لا يراكم على القوانين غير المنصفة والمتغيرة مع كل حملة انتخابية. ويتطلب الأمر كذلك إنشاء أحزاب يسمح لمن يحصل منها على 15% من الأصوات مثلاً على تعيين وزيرين على الأقل في الحكومة. وكذلك لا بد من إعادة نظر شاملة في قانون اللامركزية، وإعادة النظر في جعل المحافظة هي الوحدة الإدارية واستبدال ذلك بتقسيم الأردن إلى ثلاث أو أربع مناطق متكاملة متجاورة يجعل للمجالس المشتركة فيها وزناً وقيمة. ويجب أن ننتهي من القول أن تقسيم المملكة إلى ثلاث مناطق هو تمهيد للكونفدرالية أو الفدرالية مع الضفة الغربية أو ما تبقى منها، وهذا المنطق يخضع لأمثال شعبية لا يصح ذكرها.

ما أعجبني في كلمة رئيس الوزراء الشاملة هو أن لديه تصوراً شمولياً عن الإصلاح المطلوب. وهو يدرك تماماً أنه لا يجوز أن تعتمد الحكومة في إيراداتها انسجاماً مع هدف الاعتماد على الذات، على جيب المواطن في الوقت الذي تمنعه من أن يكون شريكاً قوياً في صنع القرار عن طريق مجلس نواب ممثل للجميع. ومن أسس الديمقراطية المعروفة الا ضرائب بدون تمثيل.

والرئيس يدرك أيضاً أن تنفيذ هذا التصور يتطلب وقتاً، ومفاوضات مجتمعية صعبة، وقرارات وسياسات شائكة ستكون موضع جدل ونقاشات ساخنة مع مختلف فئات الشعب الأردني حيث تتناقض المصالح أحياناً. وحتى لا تصبح كل قضية مصدر شقاق ونزاع، فلا بد لنا من أن نبني الجوامع المشتركة التي تشكل المرجعيات الأساسية والتي لا يجوز لأي جهة التشكيك فيها. وهذه الجوامع هي احترام الدستور الأردني والحفاظ عليه، وثانيها أن النظام الملكي الدستوري الوراثي وآل هاشم هم سدنة العرش وأصحابه. وثالثها أن كل فرد من أفراد الشعب الأردني متساوٍ مع الآخرين في الحقوق والواجبات، وأمام القانون، سواء كان شخصاً معنوياً أو طبيعياً، وسواء كان هذا الشخص رسمياً أم غير رسمي. ورابعها أن الأردن يجب أن يدار ليخلق فرص عمل لكل أردني راغب في العمل وقادر عليه ذكراً كان أم أنثى. وخامسها احترام القانون وفرض سيادته وهيبته على الجميع بالتساوي، ولا يجوز لأحد تحت أي ذريعة خرق القانون أو إعادة تفسيره على هواه. وخامسها السعي للحفاظ على منعة الأردن وهيبته وقوته والسعي لردم الفجوات التي تفصله عن غيره أو تجعله معتمداً عليهم. وسادسها، أن القضية الفلسطينية وحلها حلاً عادلاً والسعي لاستعادة الحقوق الفلسطينية واجب وطني لا يجوز التخلي عنه. وسابعها أننا بلد حر مستقل وجزء لا يتجزأ من أمته العربية والإسلامية، ويتفاعل مع العالم بإيجابية وثقة واقتدار.

وأمام الرئيس وحكومته تحديات واضحة، ومن أهمها أن المواطن سيذكّرها دائماً بأولوياته كلما سعت لإنجاز قرار قد ينطوي على تضحية منه. وهذه مشكلة يجب أن تحسم في ظل الجوامع المذكورة أعلاه.

في نهاية المطاف، كان رئيس الوزراء يضع مشروع تعديل قانون ضريبة الدخل كنقطة ضمن الإطار الشمولي للإصلاح الذي يسعى إليه، جاعلاً إياها عتبة لا بد من إنجازها حتى ننتقل منها إلى قرارات أخرى. وأكد-كما فعل سابقوه ولكن بلغة مباشرة مقبولة- أن الخيار لنا: فإما أن نقبل بالقانون المعدل الذي تفاوضت عليه الحكومة مع صندوق النقد الدولي، او أن نتعرض إلى تحديات كبيرة منها هبوط تقييم الأردن الائتماني وجعل اقتراضنا الخارجي أصعب منالاً وأكثر كلفة مما سيزيد من أعبائنا، أو أن نرضى به بعدما بذلت الحكومة ما تستطيع لجعله مقبولاً.

بغض النظر عن صيغة القانون المعدل الجديد لضريبة الدخل، فإن التعديل لن يزيد إيرادات الحكومة من هذا القانون إلا إذا ارتفعت معدلات النمو، أو حصل مزيد من التضخم في الأردن، أو فُتحت الجسور على سوريا والعراق، وازداد التفاعل الاقتصادي مع دول الخليج. أما أن تأتي الزيادة في الإيرادات بسبب التعديلات على القانون فهذا غير ممكن.

ما زلت اقول نحن بحاجة إلى نموذج اقتصادي جديد، يعيد التفاوض بالكامل مع صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، ويجعل النمو غاية أهم من التصحيح الاقتصادي المالي. لقد جربنا هذه الصيغة الحالية سنوات متتالية وما نتج عنها هو زيادة في العجز والبطالة والدين العام والفقر. افلا نتعظ من كل هذا ؟؟؟

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF