د. عميش يوسف عميش
«مجلة النشرة» دورية تصدر عن المعهد الملكي للدراسات الدينية. اذكر القارئ بان سمو الأمير الحسن بن طلال هو رئيس مجلس امناء المعهد الملكي ومنتدى الفكر العربي. وهذا العدد (45) والسنة (16) لإصدارها. تحتوي مواضيع للتعددية الثقافية من اجل التنمية والمواطنة والاعتزاز بقوميتنا العربية وموجهة للشعوب الاسلامية. يقول سمو الأمير الحسن في المقدمة: تستند القوميات الكبرى في مشرقنا على اعمدة اربعة: العرب والفرس والأتراك والأكراد. وأغنى هذا التعدد القومي والديني واللغوي الحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية في اقليمنا. ، ويشهد تاريخنا بان جوهر الهوية العربية لا يتناقض مع التنوع الديني والثقافي الذي احتضنته أمتنا لقرون. والتعددية الثقافية تعكس الهويات الوطنية المتنوعة، فحضارتنا ضمت تراثا استند للحوار بين أتباع الثقافات والديانات والقوميات وهناك شعور بوجود تحديات كالفقر والعنف والمياه والطاقة والبيئة. وهذا يتطلب تعزيز الحوار لمواجهة التعصب لإلغاء النزاعات ويشجع الحوار بين أتباع الديانات والثقافات للصالح العام. وخطاب المواطنة يعزز الانسجام لمكونات المجتمع، ويصون دعائم الدولة. لكن العائق هو الانحطاط الطائفي. ويتساءل سموه: هل قراءة المشهد الراهن يعني انتقالنا من صدام الحضارات لصراع القوميّات يؤدي لتحديات تقوي الصراع. خاصة العمليات العسكرية في سوريا ضد الارهاب مهددة وحدة أراضيها ومعاناتها. ويقول: في بدايات القرن الماضي تحت لواء النهضة العربية بقيادة الشريف الحسين بن علي، طيّب الله ثراه، وانطلقت الثورة في سبيل التحرر والوحدة العربية. وترك الأمير فيصل–بصمة ناصعة في تحقيق المطالبة بتحرر العرب من الطغيان، وسيادة القانون. وتحقق ذلك في (دستور )1925، ومن بنوده «لا فرق بين العراقيين في الحقوق أمام القانون وإنْ اختلفوا في القوميّة والدين واللغة». سمو الامير الحسن يدعو لضرورة استكمال مسارات النهضة العربية التي حصلتْ في القرن التاسع عشر وأوائل العشرين. والبداية بناء وتطوير المجتمع المدني ومؤسساته وتحقيق الوحدة الوطنية. ويقول ما يثير الأسى أن يصبح المحتوى الديني والثقافي مدعاة لتأجيج الصراعات. ويذكرنا سموه بما قاله الشريف الحسين بن علي للوفد السوري المقيم بمكة بعد دخول الأمير فيصل دمشق رافعاً العلم العربي: «أؤكّد لكم يا أبنائي بأنّه لا فرْق عندي بين أحد من بني قومي مهما اختلفت أوطانهم، فجميعهم بمنزلة المقيمين معي بمنزلي وتحت سقفه. واذكر أبناء سوريا لا فرق بين أحد منهم بمذهب أو غيره وكلّكم في نظري سواء». «ولطالما قلت إن العرب عرب قبل أنْ يكونوا مسلمين أو مسيحيين أو موسويين». انها كلمات صادقة توحّد ولا تفرّق، وتحترم التنوّع. يقول سموه: الحوار حول القوميات الكبرى في اقليمنا يرافقه التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية. ومع تطورات الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، يجب التشديد على إنهاء الجمود في العملية السلمية، واستئناف المفاوضات على أساس حل الدولتين، لتحقيق العدل للقضية الفلسطينية ويختم سموه: تمثّل الثقافة منطلقاً للحوار لتعميق التقارب بين القوميات العربية المتعددة. فالحوار يحقق التقارب بين القوميات الكبرى في الإقليم ولا يقل أهمية عن بناء التحالفات الدولية. ويصب في مصلحة شعوبها التي اشتركت على مرّ العصور في قيمها الروحية وتراثها الثقافي، ويعزز الأمل بالمستقبل والمصير المشترك.
[email protected]