احمد ذيبان
يبلغ عدد سكان الأردن حوالي" 10"ملايين نسمة، بحسب آخر إحصائية رسمية، عدد الأردنيين منهم سبعة ملايين، وعدد المقيمين من الجنسيات الأخرى ،يصل إلى ثلاثة ملايين بضمنهم اللاجئون السوريون، أما عدد سكان اليونان فيقدر ب"11"مليون نسمة.
والمقارنة ذات دلالة فثمة وجه شبه بين البلدين، فكلاهما يعاني من أزمة اقتصادية ومالية ومديونية، ترتب عليها تداعيات اجتماعية هائلة، مع وجود فروقات كبيرة في جوانب عديدة بينهما، فاقتصاد اليونان كان يحتل المرتبة ال "27"في العالم، من حيث الناتج الإجمالي المحلي قبل انفجار زلزال المديونية عام 2010، والمرتبة" 33" من حيث تعادل القوة الشرائية.
بينما احتل الأردن المركز" 15"من أصل"16"دولة عربية عام 2013، من حيث الناتج المحلي الاجمالي، والبالغ " 33.4"مليار دولار ومثلت 1.2% من إجمالي الناتج المحلي الاجمالي للدول العربية مجتمعة، أما الناتج المحلي الإجمالي لعام 2017، فبلغ نحو"28" مليار دينار، ما يقارب"40"مليار دولار.
تنفست اليونان الصعداء الأسبوع الماضي بعد ثماني سنوات عجاف، حيث كانت البلاد على حافة الافلاس،عانى خلالها الشعب اليوناني من مشكلات اقتصادية واجتماعية هائلة، وخضعت لخطط وشروط تقشف وإصلاحات وتقليص برامج الرعاية الاجتماعية، مقابل الحصول على قروض ضخمة، تخرج البلاد من أزمتها المالية وكسادها الكبير.!
حصلت اليونان على مساعدات بقيمة "289"مليار يورو، من صندوق النقد الدولي وشركائها في منطقة اليورو "الاتحاد الاوروبي"، استلمتها على ثلاث حزمات في الأعوام" 2010 و2012 و 2015 "، بعد اندلاع أزمة الديون عام 2010، في أعقاب الأزمة المالية العالمية عام 2008 ،حيث أعلنت الحكومة أن حجم ديونها بلغ عام 2009 " 300 "مليار يورو فقط ، ما يعادل حوالي " 346 " مليار دولار أميركي !
حجم مديونية الأردن قارب اليوم "28" مليار دينار، حوالي "40 "مليار دولار بنسبة 94% من إجمالي الناتج المحلي ! لكن بالمقارنة فهي تقارب" 8.7"بالمئة، من حجم مديونية اليونان عام 2010 !
اليونان خرجت رسمياً من برنامج الإنقاذ الاقتصادي الثالث والأخير، لكن جذور الأزمة ستبقى تتوالد لعشرات السنين، ففي كل عام على مدى العقود الأربعة المقبلة، سيتعين على الحكومة أن تحقق معدلات نمو أكبر من معدلات الإنفاق، مع ضمان أن الاقتصاد الذي تقلص بمقدار الربع منذ عام 2009 آخذ بالتوسع، خاصة وأن الدين لا يزال يمثل"180٪"من ناتجها المحلي الإجمالي !
فواحد من بين كل خمسة يونانيين، لايزال عاطلاًعن العمل. وقليلون يحصلون على مساعدات من الدولة، وفي الغالب يفتقرون للضمان الصحي، كما انخفض متوسط الدخل بأكثر من الثلث وارتفعت الضرائب، ما أدى إلى فرار مئات الآلاف من الأيدي العاملة للخارج،
في الوقت نفسه انكمش إجمالي الناتج المحلي لليونان، من"354"مليار دولار عام 2008، إلى "194"مليار دولار في 2016،والسبب الظاهر لأزمة اليونان، أنها ناتجة عن تداعيات الأزمة المالية العالمية 2008.
ثمة أوجه شبه بين اليونان والأردن، بالنسبة للمديونية والاستعانة بصندوق النقد الدولي،وقسوة التداعيات الاقتصادية والاجتماعية، من حيث ارتفاع نسبة الفقر والبطالة وتراجع نسبة النمو والاستثمارات، لكن الفرق هائل بين حجم اقتصاد البلدين.
الأردن يعتمد لحد كبير على المساعدات والمنح الأجنبية والعربية، لسد العجز وتمويل مشاريع خدمية ورأسمالية، لكن اليونان مرتبط عضويا بالاتحاد الاوروبي، وهو غير متوفر للأردن الذي يفتقر الى"ظهر عربي"، فيما تتناسل المديونية وتتزايد نسبة العجز وخدمة الدين، والأخطر من ذلك أن أحد أهم أسباب أزمة الاردن،هو تغول الفساد وضعف مكافحته، فضلاعن سوء إدارة المال العام !
خرجت اليونان من أزمتها نظريا بدعم أوروبي هائل، ومع ذلك لا يزال أمامها طريق طويل لتسديد الديون، لكن حالة الاردن تبدو"ضبابية"، ولا يوجد أفق واضح..الى أين تتجه الأمور ؟