كتاب

"ماراثون الثقة": قواعد اللعبة الديمقراطية وهوامشها

يبدأ مجلس النواب اليوم الأحد مناقشة البيان الوزاري لحكومة الرئيس عمر الرزاز والذي طلبت على اساسه ثقة المجلس وفق المقتضيات الدستورية على نحو يسمح بالقول ان ما ورد في البيان الوزاري خاضع في كل محطاته التفصيلية والعامة الى النقاش.

، الأمر الذي يستدعي وبالضرورة وجود، على ما يفترض الاردنيون الذين يتابعون نقاشات الثقة المذاعة على الهواء مباشرة، هامشاً من سعة الصدر والتفهم المتبادل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وبخاصة في هذه المرحلة الدقيقة التي يعيشها الاردن والتي يمكن وصفها بلا مبالغة بأنها استثنائية على الصعيدين المحلي والاقليمي بامتداتهما الدولية، وتحديداً بعد ان عبرت المملكة بنجاح وحكمة لافتتين احداث الثلاثين من آيار الماضي التي شكّلت منعطفاً تأسيسياً لبلدنا وشعبنا وقيادتنا أسهم في تكريس المشاركة الشعبية في القرار الوطني ولفت انظار الجميع الى ان الاردنيين قد يختلفون في قراءة القرارات والسياسات الداخلية الحكومية وبالذات الاقتصادية والاجتماعية والخدماتية منها، إلاّ انهم يتفقون على صيانة امن واستقرار بلدهم ولا يسمحون لأحد بالعبث او التعرض للممتلكات العامة والخاصة وهم والاجهزة الأمنية على اختلاف اذرعها في خندق واحد هو خندق الوطن والتزام الدستور والقانون الضامن لحرية التعبير وفق الأُطر والمعايير المتعارف عليها والمُعلنة واحترام حقوق الانسان والحريات العامة.

لهذا فإن بيان حكومة الدكتور الرزاز شأنها في ذلك شأن الحكومات السابقة وضعت رؤيتها للملفات الداخلية ذات الصلة بما نحن عليه في هذه المرحلة وفق التوجيهات الملكية التي وردت في كتاب التكليف السامي ولم تذهب بعيداً في الانشاء او الإطناب في الشرح والاضافة بقدر ما حرصت على تسمية الاشياء باسمائها ووضع سلم للأولويات التي ترى انها كفيلة بمعالجة الاختلالات في السياسات والبرامج الاقتصادية والتنموية والخدمة، وهي كذلك اعلنت بوضوح انحيازها للمواطن الاردني الذي طفح به الكيل وبات يضيق ذرعاً بالسياسات والقرارات على ما جاء في البيان الوزاري، ونحن هنا لا نروّج للحكومة ولا نزكي بيانها او ندعو السادة نواب الشعب للتعاطي مع البيان على أنه غير قابل للنقاش او انه بلا نواقض او تناقضات بقدر ما ندعو الى منح الحكومة الوقت الكافي الذي طلبته عبر تصريحات رئيسها وبعض وزرائه وهو 'مائة يوم' كي تنفذ ما وعدت به كأولويات ذات صفة الاستعجال وإشارة على جديتها التي وردت في مضامين البيان مثل اطلاق مشروع نهضة وطني شامل قوامه التمكين والتحفيز ومراجعة شاملة للمنظومة الضريبية مترافقة مع تخفيض النفقات برقم محدّد وهو 151 مليون دينار، فضلاً عن تعهد الحكومة اطلاع المواطنين على كل ما يتعلق بشؤونهم والأوجه الحقيقية للإنفاق، ناهيك عن تكريس سيادة القانون وتطوير منظومة التشريعات لمعالجة الفساد، فضلاً عن التزام حكومي بالحوار الدائم ووضع الأولويات بآليات شراكة حقيقية مع القوى المجتمعية ولم يغفل البيان الحكومي ما بدا يتكشف من سلبيات لتجربة اللامركزية، الأمر الذي تعهدت الحكومة في بيانها باجراء تقييم شامل لهذه التجربة الوليدة.. في الوقت ذاته الذي وعدت فيه بطرح حلول استثنائية تدريجية ترتبط بجدول زمني محدد للقضايا والملفات ذات الأولوية الوطنية.

الأمل معقود على بلورة مشهد اردني جديد ينهض على تعزيز أُسس التعاون المشترك بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وبما يخدم المصالح الوطنية العُليا بعيداً عن النكايات السياسية والتربص وتسجيل المواقف، وهنا نتحدث عن مقاربات ومواقف السلطتين وليس لواحدة على حساب اخرى وتحديداً في ما خص الجدل الدائر الان حول ما ورد في تعهدات حكومية في البيان الوزاري عن ترسيخ عقد اجتماعي يستند الى الدستور ويعزز دور المواطن.