عصام قضماني
يسجل للحكومة المستقيلة أنها كانت صريحة بشأن الصعوبات المالية لكن كان صعبا أن تلقى التفهم والدعم الشعبي، ورئيسها الدكتور هاني الملقي تعهد بأن لا يؤجل المشاكل إلى حكومات قادمة وأنه لا يسعى وراء الشعبية على حساب المصلحة العامة لكن ما كان ينقص هو حسن تسويق قراراتها ولا ضير فقد كانت مرفوضة سلفا.
السؤال هو هل كان التسويق الجيد للقرارات الصعبة سيحدث فرقا ؟ , نحيل هذه الإجابة الى الحكومة المقبلة , فعليها أن لا تقع في فخ سوء التسويق وهي تستكمل الربع الأخير والأكثر دقة في برنامج الإصلاح المالي المتمثل في ضريبة الدخل.
تعرف الحكومة الراحلة والقادمة أن قانون ضريبة الدخل قانون مثير للجدل وأن الحوار حوله غالبا ما كان يخرج من جدل الى آخر ومن الصعب أن يحظى بإجماع وطني كامل وسيبقى دائما هناك من يعترض , هكذا علمتنا التجربة , لكن يتعين عليها أن تصل الى حد مقبول من التوافق يمر بعده القانون.
وحتى لا يكون الحوار عقيما على الحكومة أن تكون منفتحة على كل الأراء ما إستطاعت الى ذلك سبيلا لكن على المعارضة المنظمة مثل النقابات والأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني أيضا أن لا تقف عند عتبة الرفض المسبق للتعديلات المقترحة , وعليها أن تبذل جهودا كبيرة في ترشيد المعارضة غير المنظمة وتضمها اليها خصوصا العناصر الشابة الأكثر تعبيرا عن رفض القانون في الشارع.
ببساطة الحكومة نفذت الجزء الأكبر من برنامج متفق عليه مع صندوق النقد الدولي لتحقيق الإصلاحات المطلوبة بأقل قدر من الرفض والمعاناة الشعبية والحكومة المقبلة بغض النظر عن توجهاتها ليس مطلوبا منها أن تكون شعبية أكثر من اللازم وهي تفي بالإلتزامات , لكن هناك مرونة بالتفاوض مع الصندوق الذي يبدي تفهما ودعما للبرنامج وهو من صنع الحكومة فالصندوق معني بالنتائج وبأن البرنامج سيحققها حتما.
منذ كلفت بالمسؤولية ظلت حكومة الملقي تحت سياط النقد و الحكومة المقبلة لن تنجو أيضا حتى لو كانت شعبية بإمتياز لكن يتعين منحها مهلة ال100 يوم التي تستحقها لأن أمامها قضايا أساسية، اقتصادية واجتماعية وسياسية وأمنية فهي لا تمتلك هامشا مريحا بالتصرف فالتحديات هي هي لم تتغير كذلك الإلتزامات كما أن المساحة المحدودة للتحرك ثابتة إن لم تزدد ضيقا لكن عليها مسؤولية كبيرة في أن لا تضع ما تبقى من الإصلاحات التي تمت تحت التهديد والنسف بالإستجابة لضغوط شعبية قضت سلفها ضحية لها.
[email protected]