عبدالهادي راجي المجالي
أمس وصل عدد الشهداء في غزة إلى (62) شهيدا... هذا الأمر دفع مذيعة أردنية إلى فرد برنامجها لنصرة الأهل في غزة.. وتحدثت بحرقة وألم عن الوضع الفلسطيني..ومن جملة ما قالته تلك المذيعة – جزاها الله عن كل خير -: (إحنا شوبطلع بإيدنا نعمل ولاشي...ولاشي)...وأظن أن إسرائيل خافت منها خلف المايك قليلا , فا»...» سلاح فتاك.
لماذا غزة وحدها عن دون غيرها وفي يوم واحد ترسل (62) شهيدا دون منة , وتفتح الدرب إلى السماء كي يكون ممرا للشهداء....لأن النساء في غزة , لم يتركن اللهجة الغزاوية ويقمن بطعج ألسنتهن على المايكرفونات , ويستوردن لهجة لبنانية..ممزوجة بالقليل من الدلع.....
لأن المرأة الغزية...وقبل انبلاج الصبح , توقض ابنها كي يعبأ الماء من مكان قريب , فحصص مخيم الشاطئ التي تضخها الوكالة لم تعد تكفي , وأيضا توصيه قبل إحضار الماء بأداء صلاة الصبح في مسجد الشيخ أحمد ياسين...هنا الأمر مختلف فنجمات الإذاعات يفقن في الصباح , كي يخبرننا باخر ما غنى راغب علامة وبحفلات أيمن زبيب , وبأهم ما طرحته شركات الإتصالات من أنواع جديدة للموبايلات.
ونسأل لماذا غزة وحدها ترسل...الشهداء ؟...لأن المرأة في غزة...حين يشحب وجهها من حر الشاطئ اللاهب ومن إشعال الحطب كي تطعم الأولاد , كون اسطوانات الغاز أصبحت شحيحة..لأن وجهها حين يشحب تداويه بالإيمان والصلاة..وحين تنهي قراءة الصلاة الإبراهيمية , في الهزيع الأخير من الليل..وتغمض عينها.. يتوحد كفها وكف ملاك نزل إلى أرض غزة كي يواسي أمهات الشهداء , فتكتفي من نور الإيمان...أما بطلات السوشيال ميديا والإذاعات لدينا – حماهن الله- فمن الضروري أن يقمن وضمن برامجهن المعتادة..بذكر اسم الصالون ومصفف الشعر , الذي زين وجهها بالمساحيق..وثمة فارق بين من تتجمل بالمساحيق الفرنسية , وبين من تتجمل بالصلاة.
إن مشهد الشهادة , هو مشهد إيماني , ولو كان لدينا إيمان حقيقي بقداسة الدم...لما سمحنا (...) , أن يستعرضن فنون الشهادة والتكبير في غزة...
هل بقي شيء لم أذكره عن النساء في غزة ؟...بقي أن أقول أن الموسيقى في غزة هي موزعة بين هدير (اف 16) وبين انفجارات في دير البلح , وبين قذائف ترمى من دبابات (الميركافا) على تل الهوى...وبين المساجد التي تعلو تكبيراتها حين يشتد القصف , تلك هي الموسيقى التي تسمعها الغزية..وبين كل موجة قصف وقنص...تشد الغزية حجابها..وترفع يدها لله وحده , وتدري أن الله خلف غزة..والله مع الشهداء مع السائرين إلى حتوفهم..مع الذين رموا الحياة خلف المتاريس وصعدوا بصدورهم العارية للمواجهة...تلك هي موسيقى الغزية وذاك هو طربها...أما لدينا فالمتباكيات على غزة خلف المايكرفونات..يغريهن فرد حلقات كاملة عن خطيبة كاظم الساهر..وعن حفلة مايا ذياب , وعن أشياء أقل ما يقال فيه أنه مجرد (...)....
غزة تنتصر وتستبسل , لأن (...) ليست طبع نسائها..وغزة تنتصر وتستبسل لأن الصبايا يقمن الصلاة هنالك , في زوايا المنازل وتحت الصفيح...والرمل يتحول لذهب حين يركعن لله وحده....وغزة تنتصر لأن النساء هنالك...يزحفن بين الحجارة كي يحملن شهيدا..داهمته شظية في الأمعاء..وغزة تنتصر لأن الأرحام هناك...خلقت لتنتج الشهداء فقط...
يحرقني قلبي , حين أجد إذاعات المياصة تنتصر لغزة..من أعطى للدلع والغنج...حقا بأن يدافع عن الدين والكرامة والوطن.