كتاب

بين كتابه عام 1984.. وخطابه عام 2018

الاسبوع الماضي قامت ضجة كبيرة ضد الرئيس الفلسطيني محمود عباس (وكالة الانباء الفرنسية 3/5/2018) ((ندد فيها مسؤولون اميركيون واوروبيون واسرائيليون بما جاء في خطابه أمام المجلس الوطني الفلسطيني من ان الدور الاجتماعي لليهود وخصوصاً في القطاع المصرفي يقف وراء المذابح التي تعرضوا لها في اوروبا خلال القرن الماضي واقتبس كلاما للمفكر الالماني كارل ماركس جاء فيه ان المكانة الاجتماعية لليهود في اوروبا وعملهم في قطاع البنوك والتعامل بالربا أديا الى اللاسامية التي ادت بدورها الى مذابح في اوروبا وأضاف عباس لذلك: أن هذا لم يحدث في الدول العربية )).

وقد ذكّرتني كلمات الرئيس عباس وردود الفعل عليها بمقال لي قبل سبع سنوات (الرأي 1/1/2011) كتبتُ فيه: ((قبل بضعة أسابيع (30/10/2010) كتبتُ عن الاتفاقات السريه بين الصهيونية والنازية وكيف كشف عنها الاتحاد السوفيتي بعد احتلال برلين في الحرب العالمية الثانية وجرى تكذيبها يومذاك من قبل جهات عديده لكن المؤرخ الاسرائيلي توم سيجيف أكدها عام 1993 في كتابه (( المليون السابع ))، وقد لفت احد القراء نظري الى أن كتاب (( الوجه الآخر/ العلاقات السرية بين النازية والصهيونية)) من تأليف د. محمود عباس ( أبو مازن ) والمنشور عام 1984 يبحث هذا التواطؤ اللا أخلاقي وقد وجدتُ فيه كماً كبيراً من المعلومات المستندة الى مئات المراجع التي تثبت صمت الحركة الصهيونية على جرائم الهولوكوست وتفاهمها الميكافيلي مع النازيين في صفقات انتهازية بموجب اتفاقيات خفية لخدمة اهداف الطرفين، النازي بالتخلص من اليهود في اوروبا والصهيوني باقامة الوطن القومي في فلسطين، وقد كانت اتفاقية ((هعفارا)) عام 1933 أُولى الاتفاقيات كما أن بعضها أدى للتضحية بحياة مئات الالوف من اليهود في المانيا وبولونيا وسواهما ))... أكتفي بهذا القدر من الاقتباس الذي وجدت له علاقة بما حواه خطاب الرئيس عباس ولا أنوي التوسع في الحديث عن كتابه ((الوجه الآخر)) فقد كفاني مؤونة ذلك وصفي له في مقالي المذكور بانه كتاب قيم ذو اسلوب علمي رصين لم يلجأ مؤلفه الدكتور محمود عباس للشعارات الرنانة او العواطف الصارخة بل احتفظ بالحياد والموضوعية قدر المستطاع شأنه في ذلك شأن أي باحث اكاديمي أمين رغم انه كما قال عن نفسه مصنَّف في صفوف اعداء الحركة الصهيونية.

وبعد.. لست هنا في معرض الدفاع عن تصريحات الرئيس عباس فهو بالطبع أقدر على ذلك ولقد سارع مكتبه في رام الله في اليوم التالي الجمعة 4 أيار 2018 واصدر بيانا أدان فيه معاداة السامية وقال (( ان المحرقة أبشع جريمة في التاريخ واذا شعر الناس باهانة بسبب كلمتي لا سيما اتباع الدين اليهودي أقدم اعتذاري لهم واود ان اذكّر الجميع انني لم أقصد ذلك واؤكد احترامي الكامل للدين اليهودي وكل الاديان السماوية..))، كما أني لن اضيف جديداً لما أصبح معروفاً بل مفضوحاً للقاصي والداني من ان التأويل الجاهز الذي تلجأ له اسرائيل كلما لمس احدهم بالنقد مزاعم الحركة الصهيونية المنافية لحقائق تاريخ اليهود كما وردت جلية واضحة بأقلام كتاب ومفكرين كبار بينهم يهود ايضاً وذلك بان تطلق عليه تهمة اللاسامية أو انكار الهولوكوست وسط ضجة اعلامية واسعة تفتعلها للتغطية على جرائمها اليومية، التي تقترفها فعلا لا قولاً ضد الشعب الفلسطيني المقاوم..