د. عميش يوسف عميش
بدأت التقنية وتطورت بسرعة منذ بداية الالفية الثالثة. واحدثها الطباعة ثلاثية الابعاد. وتعتبر هذه احدى تقنيات التصنيع حيث يتم تصنيع القطع عن طريق تقسيم التصاميم ثلاثية الأبعاد إلى طبقات صغيرة جدا باستخدام برامج الحاسوب وثم يتم تصنيعها باستخدام الطابعات ثلاثية الأبعاد عن طريق طباعة طبقة فوق الأخرى حتى يتكون الشكل النهائي. وتلك الطابعات تكون عادة أسرع وأوفر في الاستعمال من التكنولوجيات الأخرى للتصنيع. وتتيح للمطورين القدرة على طباعة أجزاء متداخلة معقدة التركيب. ويمكن صناعة أجزاء من مواد مختلفة بمواصفات ميكانيكية وفيزيائية مختلفة ثم تركيبها مع بعضها البعض. وبعد ابحاث متعمقة اصبح بالإمكان مالياً تطبيق الطباعة ثلاثية الأبعاد على مستوى المشاريع الصغيرة والمتوسطة. حيث انتقلت النمذجة من الصناعات الثقيلة إلى البيئة المكتبية. ويمكن تطبيقها في مجالات اخرى ومجموعات مواد مختلفة. هذه التقنية الحديثة يمكن استخدامها في: صناعة المجوهرات والأحذية والصناعة والعمارة والهندسة والانشاءات والسيارات والطائرات والصناعات الطبية وطب الاسنان. ارتبط مصطلح (الطباعة) في أذهان الكثيرين بالمنتجات ذات البعدين، وبتقنيات الزخرفة سواء على الورق أو النسيج أو طباعة الصور. لكن ارتباط مصطلح الطباعة بإحدى طرق التشكيل فذلك لم يتعوده العاملون في مجال التصميم الصناعي. ولكن طريقة الطباعة ثلاثية الأبعاد لا زالت تحت التطوير تقوم بها بعض الشركات العالمية بقصد الوصول إلى انتاج سريع ومرن لأجزاء النموذج الأول = النمط الاولي. وكذلك الأجزاء النهائية للمنتج مباشرة من النموذج المصمم على الحاسب الآلي بمساعدة برنامج (الأوتوكاد). بهذه الطريقة المرنة يمكن انتاج أي جزء أو شكل هندسي باستخدام عدة خامات مثل: الخزف، المعادن ومركبات أخرى. وفي عام 1993–ابتكر (إمانويل ساكس) تقنية الطباعة الثلاثية الأبعاد واستمر تطويرها للان. وهي تستخدم الأبعاد لبناء أجزاء النموذج الأول في شكل طبقات، وبرسم الجزء المطلوب بمساعدة برنامج (أوتوكاد) = (مركب) ثم يقسم التصميم إلى رسوم محوسبة بحيث يتحول كل شكل إلى بيانات رقمية، يقوم جهاز الطباعة بعد ذلك بتنفيذها مجسمة من المادة المختارة بالتفاصيل الدقيقة لكل طبقة. ويتم بناء كل طبقة بنثر مسحوق الخامة فوق سطح طبقة أخرى من المسحوق تم اعدادها كأساس. ويتم بناء الطبقات المادية بتقنية مشابهة لتلك التي تستخدم في حالة الطباعة بالنثر الحبري وتستخدم مع تلك الطبقات المادية مواد رابطة (كالحزام) للخامات لتربط الحبيبات فيتم تشكيل النموذج. ويقوم مكبس بضغط طبقة المسحوق الأساسية لتثبيتها ومن ثم يرتفع ليقوم بضغط الطبقة التالية التي يتم نثرها ثم ربط حبيباتها باستخدام المواد الرابطة، ويتم تكرار بناء طبقة فوق طبقة حتى يكتمل تشكيل الشكل المطلوب. ويتم نثر القطرات حسب الطلب بواسطة ما يسمى النافث بتوزيع كميات متقطعة أو مستمرة من المواد الرابطة حيث تترسب فوق طبقة من المسحوق سواء أكان مادة خزفية أو معدنية والذي بدوره يتحول إلى قطاع رقيق يتناسب مع الشكل المطلوب. وبتكرار نثر الخامات والمواد الرابطة تتكون الطبقة تلو الأخرى حتى نحصل على الشكل النهائي المطلوب. ويمكن تشكيل أية خامة توجد في صورة مسحوق بواسطة طريقة الطباعة الثلاثية وأكثر من ذلك لأن الخامات المختلفة يمكن (نفثها) بعدة رؤوس طباعة مختلفة، ويمكن بدقة متناهية تحديد الأماكن المناسبة لسقوط القطرات للحصول على ملامس محددة وللتحكم بالتركيب الجزيئي الداخلي للجزء المنتج. وبعد ذلك تتم المعالجة الحرارية والتخلص من المسحوق والرابطة غير المرغوب فيها. اما المعالجة الحرارية فتتعدى (1000) م حيث تحدث عملية التلبيد لإكساب الجسم صلابة ومتانة تلائم الاستعمال. تستخدم الطباعة ثلاثية الأبعاد بكثرة وبخاصة في مجال الطب والصيدلة والخزف والمعادن وتشكيل قوالب الصب. وتصنيع منتجات تجارية مثل المرشحات الصناعية وتتميز عن مثيلاتها المنتجة بالطرق التقليدية كالصب في القوالب، غالبا ما يظهر بها العيوب مثل التشققات، وهذا لا يحدث باستخدام الطباعة الثلاثية. وتنتج الطباعة الثلاثية امكانيات هائلة لإنتاج أسطح خاصة في مجال–الطباعة الخزفية. فهي توحد المساحيق والمواد الرابطة بمرونة هندسية فائقة، وتختصر الوقت لتسويق منتج جديد في عدة مجالات وذلك بتحسين جودة المنتج بالجمع بين التصميم والتصنيع مباشرة، وتخفض تكلفة المنتج بواسطة تخفيض تكلفة مرحلة التطوير. ويمكن زيادة الانتاج بتخصيص كل طابعة لإنتاج نوعية واحدة، اذن الطباعة الثلاثية هي الثورة القادمة في التصنيع كونها الرائدة في انتاج للنماذج الأولية وكذلك الأجزاء النهائية للمنتج. اما مميزاتها: (1) سهولة تعديل التصميم. (2) امكانية نسخ التصميمات باستخدام نظام مسح ضوئي رقمي للنموذج الأول بواسطة حاسوب وسوفتوير خاص ثم تحويل البيانات لمنتج ثلاثي الأبعاد من المادة المختارة. (3) امكانية الحصول على أجزاء كبيرة الحجم، وبزاوية من المستحيل الحصول عليها بطرق التشكيل العادية. (4) نظام استرجاع متكامل للخامات. (5) لا تستخدم أجهزة كثيرة وهذا يقلل التكلفة والوقت. (6) تفوقها على مثيلاتها التقليدية. هناك جدول بأسماء المواد الاساسية للتكنولوجيا النموذجية. المهم امكانية صناعة نماذج صغيرة طبق الاصل للتحف الاثرية بغرض الحفاظ عليها. وفي مجال الطب: (1) طباعة الجزء المصاب ليتحول لجسم ملموس يسهل تشخيص الأمراض الصعبة كالسرطانات. (2) وصناعة الأجهزة التعويضية والأطراف الصناعية واستبدال العظام التالفة وصناعة المفاصل. (3) وفي طباعة (الجنين) للكشف المبكر عن التشوهات. (4) صنع نماذج لأجهزة الجسم بغرض التعلم. (5) وصنع بعض الأدوات الجراحية والإلكترونيات الطبية. كما استخدمت هذه التكنولوجيا في وسائل الترفيه كالأفلام، الالعاب الرقمية، القنوات التلفزيونية والسينما، والرسوم المتحركة. للأسف لا تزال هذه التقنية بعيدة لتصبح تستخدم في عالمنا العربي – وعلينا البدء لكي نعمل على تعلمها واستخدامها.