كتاب

اجعلوا الأمل في قلوبكم لتحيا!

بين ساعة ودقائق يغير الله الحال، يموت يأس ويحيا أمل يخون عدو ويخلص صديق. بين أحاديث الهدى والضلالة نعيش الحياة متمسكين بالرجاء. تدمع عين فيجففها النسيم ليعود بريق العينين من جديد على هيئة ابتسامة تنبع من القلب وتصل لحدود الشفاه لتطال عمق العيون. في كل نبضة قلب تأثيرات تهتز لها أسس العمر.

قد تفوز البلاهة في حالة طارئة ويتقهقر النبوغ، نصاب بالذهول ونقف صامتين فالأرض أحياناً قد تميد بمن عليها وتنفطر وتقذف البراكين. لماذا نصمت! لأن العلماء إذا أذابهم الجهل والغرور والسخافة يلتزمون الصمت.

لسنا أهل الزمان الذي ننسب إليه ضعفنا في كل شيء.. وهو بقوته لا يبالي بشيء!

أن حرارة انفاسنا حزناً وقهراً على دموع رجل سبعيني قهرته الحياة تذيب جليد الجبال القاسيات فالظروف الصعبة خلقت معاناة مؤلمة. وتتضاءل الحياة أمام أعيننا عندما نرى براءة الأطفال تستخدم وتستغل لتصوير فيديو لأطفال يلتقطون الطعام من الحاويات حتى نبرهن عن وجود الفقر. ترتعش أطرافنا ونقول يا ضحية لعبة الحياة!

لم تخل الحياة والأماكن من الفقر يوماً ولكن هناك مشاهد تصويرها يخدش الروح. كفوا عن استخدام الطفولة والشيخوخة لإيصال الرسائل وشرح المعاناة وأن كانت النوايا صادقة لكن الأسلوب ينافي ويجانب حفظ النواحي النفسية والإنسانية. أحياناً قسوة الطرح تسيء لنفوس من تم استخدامهم في إيصال ما ترغبون فحتى النوايا الطيبة عليها أن تعرف كيف توصل رسائلها محافظة على ابسط حقوق الانسان.

ليس أقسى على النفوس من ذاك الشعور بالاحتياج فكونوا وحياً طيباً لتخفيف كأس المرارة. العيون والقلوب الطيبة تتجه نحو الأرواح الغالية بحرص من أجل أن تجعلها تصل إلى مرفأ الأمان.

هناك وزارة تنمية اجتماعية والعديد من الجمعيات الخيرية ولم تخل بلادنا من أهل الخير والعطاء توجهوا الى كل هؤلاء بما تصنعون من فيديوهات دون الحاجة إلى عرضها في مواقع التواصل الاجتماعي باستعراض لا جدوى منه في العديد من المواقف والحالات إلا نشر مزيد من الطاقة السلبية والإساءة لإنسانية من تلتقط صورهم. حتى وأن كان الهدف مساعدة الفقراء فأين نحن من مقولة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم « ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه».

الفيديوهات التي تنشر وإن كان في ضمير من ينشرها ويقدمها فعل الخير والتنبيه للفقر فاعلموا أن تلك أسوأ الطرق، وهي اداة تسيء لإنسانية من يعيشون ويعانون من ضيق ذات اليد أو الفقر. اعملوا على مساعدتهم والإحسان إليهم ومحاولة إصلاح حالهم دون أن تنشروا معاناتهم على صفحات المواقع الاجتماعية والإلكترونية.

إن استخدام البعض للعرض المباشر على مواقع التواصل الاجتماعي لنشر العديد من الأخبار المغلوطة والمبالغ فيها والشائعات والإساءة بدون أي ضوابط امر لا جدوى منه في حقيقة الأمر إذا فكرنا بواقعية.

ورغم وجود قانون الجرائم الالكترونية لكن أظن أن الأمر يحتاج الى ضوابط داخلية تنبع من قناعات الأشخاص أنفسهم. الظروف الاقتصادية صعبة جداً وشائكة لكن عبر الزمان تمر الدول بسنين عجاف وقاسية وذلك ليس مبرراً لهدم ما تم بناؤه على المستوى المادي والمعنوي. لا تسمحوا لشبح الظروف القاسية أن يقضي على جيل كامل ويهز القيم الأساسية التي تحفظ البشر وكرامتهم.

الوطن يستحق أن نصبر ونتمسك بنشر قيم التكافل الاجتماعي بشكل صحيح وحقيقي لنساعد في تخطي الإزمات الاقتصادية. لا تصبوا على الجرح ملحا ولا تدعوا المعاني الجميلة تختفي. في قديم الزمان كان هناك رجل طيب افترش العشب الأخضر في فيء شجرة وتغطى بدفء السماء ونام راضياً قريراً. لا تحملوا الحياة فوق ما تستحق ولا تعطوها أكثر من حقها. المستحيل سيختفي وراء الممكن وضوء الشروق سيمحو الظلام ويملأ النور الأرض والسماء. لا تلقوا الأمل والأمنيات تحت الاقدام لتداس وتتلاشى بل اَجعلوها في قلوبكم لتحيا. حمى الله الأردن.

A_altaher@asu.edu.jo