خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

اللغة العربية بلا شجون!

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
د. زيد حمزة

الحديث عن اللغة العربية حديث ذو شجون خصوصاً حين ينتاب بعضَ اهلها شكُّ بأنها مستهدفه فتأخذهم العزة بالاثم غيرةً عليها وتتعرى عندئذ هشاشة ثقتهم بانفسهم وبها فينسوْن أنها ليست الوحيدة العزيزة على قلوب اصحابها، وأن الأقوام جميعها تفخر بلغاتها وتتشبث بها وتحن لتراثها والأمثلة في الذهن كثيرة من حولنا وبين ظهرانينا لكننا بالمقابل لا نراها تنكفئ على نفسها وتَغرق في تقديس لغتها كما نفعل ونمعن في الفعل الى حد ازدراء لغات الآخرين أو المطالبة بتحريمها وهو ما نأسى له ونخجل منه، كما لا نراها تبالغ في التعصب لها بحجة حمايتها الى درجة عزلها وحصارها حتى لتكاد تغدو غير قادرة على استنشاق أي هواء جديد.. نقي!

قبل سنوات شاركتُ في جهد غير حكومي للدفاع عن اللغة العربية خوفاً عليها من الاساءة والاهمال والتهميش ولم أكمل الطريق الى نهايته لأني وجدت في بعض القانون المقترح لحمايتها ما قد يؤدي الى قمع شقيقتها العامية التي لا يجوز معاقبتها على ما يصيبها من تشوهات ليست مسؤولة عنها ولا يمكن مناصبتها العداء فهي الرفيقة الدائمة التي تقترب منها كلما ارتقى التعليم وارتقت الأمة نفسها، كما أنني خشيت بهذا القانون أن تُسجن اللغة في قفص الروتين الحكومي والبيروقراطية البليدة ولقد تبيَّن لاحقاً كم كانت خشيتي في محلها!

كنت أطربُ دوماً على دعوات المنادين بتيسير الفصحى وأَعجبُ للذين يعسّرونها بالاصرار على التطبيق الحرفي لقواعدها حتى تصبح عصيّة على أفهام الناشئة وكريهة على قلوب الذين يرغبون في التمتع بجمالها واولئك الذين يتمنون اتقانها بغرض الكتابة بها دون ارتباكٍ في ضبط الهمزة على الكرسي او تركها معلقة، ودون التباسٍ باضافة تاء التأنيث لأعدادٍ بعينها، ودون اصطدامٍ بمن يخطّئون كلمة ((تقييم))لأنها مشتقة من ((القيمة)) لا من الفعل الثلاثي (قام يقوم) فيحوّلونها الى ((تقويم)) وهي كلمة أخرى ما فتئت منذ دهر تعني الرزنامة بالفارسية وذاك كله في تقديري تعصب لقواعد وضعت قبل ألف عام وهي قابلة كغيرها للتصريف والتعديل من اجل الهدف الأساسي لأيِّ لغة بالتواصل الأسلس والتفاهم الأفضل بين الناس وهو تيسير حميد ذهب اليه صديقي اللغوي الدكتور عوْدَةُ الله منيع القيسي في كتابه ((بعض ما خطّأه اللغويون.. وهو صواب)) وعبّر عنه عنوانه خير تعبير والتقطتُ منه ما أراحني من عنت المتشددين في التعامل مع العربية وأعانني على ان اتجاوزهم الى صوابٍ لا يعني انهم بالضرورة على خطأ فالباب مفتوح للاجتهاد والنوافذ مشرعة للحوار مادامت الغاية جعل اللغة قادرة على خدمة أصحابها والتواصل فيما بينهم أو مع الآخرين..

وفي السياق نفسه ينبغي الا يمر الحديث ذو الشجون دون الاشارة الصريحة الى عجز او قصور ما نتداوله من معاجم اللغة العربية وهي ضرورية لمن يتصدى للكتابة وعندي منها اربعة مختلفة تؤهلني للقول إنها وحتى الجديد منها مازالت صعبة الاستخدام من قبل الكافة الذين جربوا مثلاً سهولة ووضوح قواميس اللغة الانجليزية فوجدوها تتطور وتلحق بمتغيرات العصر، لذلك لم أتوقف عن الحض على تحديث معاجمنا ولا ضير في تقليد ما صنعه أهل اللغات الأخرى في هذا المضمار، ولم أضيع فرصةً الا وناشدت المختصين باللغة ممن ((تعينّهم)) الحكومات في ((مناصب)) مجامع اللغة العربية لفترات طويلة تكاد تبلغ نهاية أعمارهم، أن يولوا المعاجم عنايتهم بجهد دؤوب يشتمل على استشارة أهل الخبرة من مجيدي اللغات التي لا يجيدونها هم انفسهم خاصة اللغة اللاتينية فهي اصل لغات اوروبية عديدة في مقدمتها الانجليزية الاكثر نجاحاً في تطوير استعمالاتها والاوسع انتشاراً على صعيد التعامل التجاري أو السياسي والتبادل المعرفي بين شعوب ودول العالم، وإذا كانوا لم يصغوا لصوتي الضعيف فالزمان سابقهم لا محالة، وسوف يتولى الاعلام العالمي المهمة نيابة عنهم ودون استئذانٍ منهم متمثلا بوكالات الانباء الغنية القوية في تشاركٍ تمليه الضرورة مع شركات الانترنت ومواقع التواصل المختلفة وفي تنافسٍ محموم على الاسواق والارباح !

وبعد.. فان الحديث عن تفرد اللغة العربية محض خيُلاء بلا حكمة، والادعاء بضرورة استقلالها عن سواها ورفع الاسوار حولها فزعاً من اعتداء لغات العالم عليها وهمٌ كبير أدى الى الاساءة لاخوات لها، طالما أخذت منها وأعطتها وستظل تفعل الى ما شاء الله، ولعل نهضة العديد من اللغات الأخرى لا يحبطنا بل يحفزنا للمضي في طريقها ومعها ويحثنا على استلهام الوسائل التي قادتها للتقدم، ويحسُن بنا خلال مثل هذه المسيرة اللغوية الجماعية بعيداً عن التعصب والأثرة أن ننعم بحب مشاركينا ونستمتع بجمال تنوعهم اللغوي حتى نسعد بأن تغدو لغتنا بين اللغات كما عهدناها في التاريخ التليد حلوة طروبة.. بلا شجون!

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF