معاذ الكساسبة , تعرض لأبشع جريمة عرفها التاريخ البشري ..وصعد إلى عليين شهيدا مطهرا نقيا , لم يقل لأجل الوطن تركنا نحن نقولها ..ووصفي التل حين اخترقت الرصاصة جسده وروى تراب القاهرة بدمه ..ترك للتاريخ مسؤولية إنصافه ..مع أنهم قدموا ما هو أهم من الثقة , قدموا الروح ...لكنهم لم يقولوا لأجل الوطن تركوها لنا نحن كي نقولها , وللأسف صارت الثقة بطولة تضاهي منزلة التضحية ..ونجاهر بأنها لأجل الوطن ..
ماذا نقول للذين خرجوا في الكرك والسلط , كي يدافعوا عن خبزهم وأحلام أولادهم ..كي يجعلوا صباحات السلط أحلى ..وترى فيها عيون البنات اختصارا للسكر والورد والعسل ...ماذا نقول للذين خرجوا في الكرك وقد أعياهم التعب وضيق الحال ..وكانوا يريدون حين احتجوا على رفع الأسعار أن يعيشوا في وطن ..حنون مثل الأم ..وعذب مثل زمزم ..هل نقول عنهم أنهم لايعرفون الوطن ؟ ..أم كانوا ضد الوطن
سيدي النائب ..
الثقة لاتعطى لأجل وطن , الثقة تعطى لأجل الحكومة ..أترك لي أن أخبرك ماذا تعطي للوطن .. روحك أن عزت عليك في لحظة مواجهة وليس هناك أبلغ مما فعله الجندي مسلم مطير ..حين قال لضابط المدفعية في العام 1968 فلتكن الرماية حيث أنا , يومها كان قد تسلل لخطوط العدو ..وقال : دمي وليسلم البلد ...
نبضك قلبك والوريد تعطيه للبلد , حين تكون في اغترابك مثقلا بالشوق ويمر اسم الأردن , على لوحة إعلانات ..ولحظتها تتذكر أنك غائب عنه منذ ستة أشهر ..ويستفزك الاسم , ويبدأ دمعك يسرق منك صمتك ..وتغوص في البكاء , لحظتها تشتهي حفنة من ترابه تشتهي خبزه ووجعه ...صدقني يا رفيقي النائب أن الحزن حتى الحزن في الأردن أحلى من كل الفرح في عواصم العالم ...
الوطن تعطيه فوق الدم دم ..وفوق النبض نبض , لكن لاتربط الوطن بثقة لحكومة سترحل بالطبع في وقتها ..ولا تقل لأجل الوطن أمنح ثقتي , لو قرأت أمل دنقل لو عرفت معنى أن تستبدل العين بجوهرة ...فهل ترى , هي أشياء لا تشترى ..لو قرأت هذا الرائع لشممت مصر في الحروف وتفاصيل القصيدة وأدركت أن الوطن يربط بالمعاني السامية بالشهادة بالبذل بالتضحية ..
سلامي لك يا أغلى وأجمل وطن ...أنا لأجلك , أمنح روحي طائعا مستسلما ...سلامي لك.
