لا زالت قناعتي راسخة بأن التنمية في المحافظات لن تحرز نتائج ما لم تمنح تمييزا ضريبيا في المبيعات والدخل .
لا أعرف ما إذا كانت مجالس المحافظات إنتهت من زيارات المجاملة والتعرف وإنتقلت من مرحلة المنافسة السلبية مع الحكام الإداريين والرواتب ولوحات السيارات الحمراء والمقرات لتتفرغ الى المهمة الرئيسية وهي إقتراح خطط وبرامج تنموية ومشاريع ولعل فكرة التمييز الضريبي واحدة منها .
تنمية المحافظات تحتاج الى التمييز الإيجابي في ضريبة الدخل وضريبة المبيعات وربما سيحتاج ذلك الى تعديل دستوري .
آن الآوان للإنتقال من التمييز في الضرائب للأفراد وللشركات وللمشاريع الإستثمارية على أساس المناطق وليس على اساس القطاعات وربما يربط بحجم فرص العمل التي يتيحها المشروع أو المصنع والشركة .
من ناحية أخرى لا يمكن مساواة الحركة التجارية والنشاط الصناعي في محافظة الطفيلة مع الزرقاء أو محافظة الرمثا مع إربد أو السلط مع عمان .
الإجابة عن مثل هذه التساؤلات معروفة إذ لا يمكن مقارنة العوائد وحجم المبيعات في المدن كثيفة القوة الشرائية والعمالة مع أخرى تعاني ضعفا , لكن الأمر برمته سيحتاج الى قاعدة بيانات تحدد المناطق التي يمكن أن يطبق عليها هذا التمييز الإيجابي .
الناحية الأهم هي ما تحتاجه خطط وبرامج تنمية المحافظات من روافع وأهمها هيكلة الضرائب , بعيدا عن التمييز الذي تتيحه حوافز الإستثمارات , التي لم تنجح حتى الآن في توطين إستثمارات حقيقية ودائمة وناجحة في المحافظات.
تنمية المحافظات تحتاج الى آلية للربط بين دفع الضرائب والإنفاق على الخدمات وهو عيب يميز بنية الموازنات العامة التي لم تتمكن من التوظيف الإيجابي لبرامج تنمية المحافظات فالموازنات تخصص معظم إيراداتها للإنفاق على جسد الحكومة المترهل في المركز والأطراف على حد سواء بحيث لا يتبقى سوى اليسير لإنفاقه على الخدمات الصحية والتعليم والطرق والبيئة وغيرها من الخدمات التي تحفز المستثمر والمواطن على البقاء في المدن والقرى البعيدة فيما لا يتبقى شيء للإنفاق على مشاريع تنموية .
لا باس إن إحتج البعض على مثل هذا الاقتراح بأنه يحول دون توزيع العبء الضريبي بعدالة, لكن تنمية المحافظات وجعلها نقاط جذب سكاني وإقتصادي يحتاج الى جرأة وتضحية من هذا النوع وهذه القواعد والإشتراطات ليست بقرة مقدسة واللامركزية مبرر لمراجعتها وقد نجحت في دول كثيرة طبقتها حتى لو تطلب ذلك تعديلات دستورية .
[email protected]
