في طفولتي كنت أصنع أشكالا رائعة من الثلج , صحيح أنها تبعث على الريبة والشك , ولكنها رائعة ...وذات يوم وقف أبي أمام مجسم صنعته , وسألني: ماهذا الشكل ؟ فقلت له: هذه نخلة وسأضع الأغصان عليها ..كنت أعرف أنه سيخلع (العقال) من على رأسه ..ولكني لحظتها تفاديت ألم (العقال) لأن جسدي كان مدججا بكل أنواع وصنوف (الجرازي) ..إضافة لفلدة عسكرية , (كشت) بفعل الغسيل المتلاحق .
كنت مختلفا عن أطفال الحي , فقد صنعت (طابونا) من الثلج ..وذات يوم تفننت بصنع (زر جميد) ضخم , هي المرة الوحيدة التي سلمت بها من (العقال) ..فحين سألني أبي أقسمت له بأنه (زر جميد) ..فغادر.
أنا لا أعرف لماذا كان أبي يقف ضد موهبتي , في نحت الثلج وتحويله لأشكال تبعث على الريبة والشك ؟
لم يأت الثلج , وقد خذلني ..وبصراحة اكتشفت أني كبرت , ولن أعود لطفولة , كان (العقال) أبرز عناوينها ..كنت أخطط لنحت وردة في الثلج , أو بناء سيارة منه ...أو صنع (طابون) ضخم ...أصلا لم يعد في بالي أن أصنع أشكالا تثير الريبة والشك , فقد مات أبي ومات عقاله ...
والمشهد صار كله يثير الريبة والشك .
