د. عدلي قندح
أدلى العديد من الخبراء والمختصين وصناع القرار بدلوهم، وقدمت مراكز الابحاث والمجالس الاقتصادية ولجان السياسات المشورة والنصح والمقترحات الفنية والقانونية والمؤسسية والاجرائية لتنشيط بورصة عمان اعتقادا منهم أنها السوق الوحيدة في العالم التي لم تستعد عافيتها بعد التراجع الكبير الذي أصابها عقب اندلاع الازمة المالية العالمية عام 2008، وهذا صحيح. فقد كانت قيمة أسهم الشركات المتداولة في بورصة عمان عام 2008 تصل الى 42 مليار دينار وتراجعت الى 25 مليار دينار عام 2009 ثم الى 17.3 مليار دينار في نهاية 2016 ويتوقع لها أن لا تتجاوز 14 مليار دينار هذا العام. مما يعني أنها فقدت أكثر من نصف قيمتها بكثير، وهذا يعني أن المستثمرين في البورصة عام 2008 فقدو أكثر من نصف قيمة ثروتهم التي يملكونها على شكل اسهم في الشركات المدرجة في البورصة، وقد آن الاوان لاستعادتها. فالمستفيد من استعادة القيمة هم كافة المستثمرين في البورصة وأولهم الحكومة ثم صناديق الاستثمار فالافراد.
جميع الاسواق المالية استعادت عافيتها باستثناء بورصة عمان، فما هي الاسباب؟ نقص السيولة وعدم وجود عرض كاف من الاسهم وعدم وجود طروحات جديدة من الشركات وعدم وجود صانعين للسوق بالرغم من وجودهم في السوق. فكيف يمكن استعادة ثقة الناس بالبورصة؟
رئيس مجلس ادارة بورصة عمان الدكتور جواد العناني أجاب على تلك الاسئلة وكان متفائلا في المقابلة التي اجراها مع الاعلامي فايق حجازين في برنامج مال وأعمال على قناة التلفزيون الاردني يوم الاربعاء الماضي. ولخص عوامل تفاؤله بما يلي: أن العديد من الشركات (40-50) شركة قيمة اسهمها أقل من القيمة الحقيقية للسهم، وهذا يعني أن هنالك فرصة كبيرة متاحة لارتفاع أسعار اسهم هذه الشركات في المستقبل الذي نأمل أن يكون قريبا. كما أن اعادة تصنيف بورصة عمان الى سوق ناشئة سوف يساهم في اعادة جذب الشركات الاجنبية للاستثمار في السوق. علاوة على أن عناصر الانفراج السياسي في المنطقة في تزايد. كما أن طرح مشروعات كبرى من الحكومة في الفترة القليلة الماضية مثل بناء مدينة جديدة، ومشروعات كبرى، ومطار جديد في المفرق، كلها تعني أن قطاعا رئيسيا في الاقتصاد سيتحرك قريبا وهو قطاع الانشاءات وسينعكس ذلك على أسعار أسهم شركاته المدرجة في البورصة.
عناصر أخرى تم التركيز عليها ستساهم في تنشيط بورصة عمان ومنها التغلب على فجوة المعلومات بين بيئة ومحيط السوق وبين المستثمرين المحليين والعرب والاجانب وذلك من خلال تنفيذ خطة اعلامية يومية تتعامل مع المعلومات بحرفية ومهنية تامة توصل المعلومة الدقيقة عن السوق للمواطن وللمدخر والباحث عن الاستثمار في البورصة من مستثمرين عرب وأجانب. علاوة على ذلك لا بد من تشجيع البنوك والمؤسسات المالية على زيادة تمويلاتهم لشراء الاسهم التي انخفضت بشكل ملحوظ في السنوات التي أعقبت اندلاع الازمة المالية العالمية الاخيرة. كما أن هناك حاجة لإنشاء شركات مالية لمساعدة الافراد والشركات للدخول كمستثمرين في بورصة عمان. كما أن توجه شركة بورصة عمان لإدخال مستثمر عالمي كمالك لجزء من رأسمال بورصة عمان سيساهم في نقل تجربة عالمية وخبرات ادارية جديدة وسيعمل على تنشيط السوق وربطهابالإقليم والعالم.
صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي وكبار الشركات المدرجة في البورصة يجب أن يكون لها دور ريادي في قيادة الحركة في السوق لا أن تكون تابعة ومتأثرة بما يجري في السوق.
كل هذه العوامل مجتمعة يجب أن تكون قادرة على تحريك وتنشيط البورصة واستعادة قيمتها الحقيقية وقيمة أسهم الشركات المدرجة فيها لتعكس واقعا حقيقيا جديدا سيغدو الجميع فيه رابحاً.