خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

...تلك العيون

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
عبدالهادي راجي المجالي كنت مع صديقي أمس , في عمان الغربية ..في عبدون بالتحديد وقد جلسنا في مقهى جديد , على زاوية الشارع ..ومن جانبنا مرت مجموعات هائلة من النساء , واحدة مع كلبها الصغير ...وأخرى كانت تمشي , وثالثة مرت ربما مع صديقها ...ورابعة كانت تمشي بخفة , وتتحدث في الموبايل وسمعتها تقول :- ( بتئهرني كتير بس تحكي هيك) مع من كانت تتحدث ...؟ لا أعرف ...ومن هو الذي يقهرها ؟

ومرت أيضا صبية في مقتبل الحب أو مقتبل العمر , وكانت تلوك (العلكة) في فمها ومر عطرها من الشارع قبل أن تمر هي , صار العطر في بلادنا ...أشبه بحرس الرئيس الأميركي فهم يأتون قبل مجيء الرئيس, من أجل مسح المنطقة ..وعطرها جاء كي يمسح أنوفنا ..قبل مجيئها .

بعد ذلك انتقلنا إلى عمان الشرقية , فهناك يوجد أصدقاء لنا ينتظرونا من أجل منازلة كبرى في لعبة (الهند) , وجلسنا على زاوية شارع شعبي ..مرت النساء أيضا :- واحدة كانت تحمل في يدها (3) كيلو بندورة وأربع ربطات من الخبز ...وسيدة عبرت على عجل ..ومعها أطفالها الخمسة , ورطل سكر ..

سيدة أخرى كانت تصرخ على الهاتف وتقول :- (تهاني ..طلعي الجاج يمه هيني جايه) مرت أيضا صبية في أول العشرين من العمر , يبدو أنها مع خطيبها ..وهذا أول حب في العمر وأول رجل تمشي معه في الشارع علنا , والوجد والليل والتقاء الجسد بالجسد يحيطهما بمزيد من الشوق ..واللهفة , وكانت تتباهى بالحب ..من حق العشاق أن يتباهوا بعشقهم .

الأوطان وحدها التي تعرف من عيون النساء فقط , وأنا حين جلست في المقهى الشعبي الموجود في زوايا عمان الشرقية , عرفت وطني جيدا في العيون ..هناك الأمهات يعبرن من الشارع , دون تكلف في المشي ودون خجل من الفقر ..وقد تتمرد خصلة شعر وتخرج من طرف (المنديل) ....تلك ليست عورة ظهرت , وإنما تعب العمر وشقاء الأيام ...هناك العشق مباح لصبية , خطبت شابا منذ أسبوع ..ويحق لها أن تتباهي بهذا العشق الذي ما زال جنينا ...فالحب مثل الطفل الصغير حتى صرخاته تطرب كل من في الدار ...

هناك لا تشم عطرا , بل تشم رائحة الفلافل التي قدمت من مطعم مجاور , ورائحة القهوة التي تطحن ..في محل قريب منا , هناك تشم أيضا رائحة الوضوء , التي ظهرت من رجل تأخر عن صلاة العشاء ..فأسرع الخطى وكان الرضى مرافقه ..والتقوى كانت سلاحه .

في بلادي – حماها الله – ليست هي الجغرافيا وحدها من تختلف عن بعضها , وليست عمان الشرقية تشبه عمان الغربية , والجنوب لايشبه (دير غبار) ومعان لا تشبه أبدا (دابوق) بل عيون النساء تختلف أيضا ..

وأنا كل يوم اذهب لذاك المقهى الشعبي في عمان الشرقية , لأني أجد نفسي في تلك العيون ...
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF