كتاب

قراءة ملكية شاملة تبعث التفاؤل والأمل بمرحلة جديدة وواعدة

الاهتمام والترحيب الشعبيين بمضامين المقابلة التي أجرتها وكالة الأنباء الأردنية «بترا» مع جلالة الملك عبدالله الثاني، اشّرت الى الثقة العالية التي يوليها الاردنيون لقائدهم وتقديرهم لقراءته الدقيقة وتشخيصه الصريح لجوانب المشهد الوطني، وما يترتب علينا جميعا ان نقوم به لتجاوز التحديات والازمات التي تواجهنا وبخاصة في بعدها الاقتصادي والمعيشي، والذي لخّصه جلالته في عبارة يجب ان يحفظها كل اردني وان يتصرف وفق مقتضياتها وان يدرك ابناء شعبنا انه لن يساعدنا أحد إن لم نساعد أنفسنا.

هي دعوة ملكية صريحة ومباشرة بان نعتمد على ذواتنا وان نبذل كل ما في وسعنا من اجل تطبيق هذه المقولة التي لا يختلف عليها اثنان وبخاصة اننا نعيش في عالم تلفه الصراعات ولا مكان فيه الا لمن يأكلون مما ينتجون ويبنون اوطانهم بسواعدهم بعيدا عن احلام المساعدات والهبات الاجنبية التي لا يمكن الرهان عليها او بناء اقتصاد او دول وفق الوعود التي لا تنفّذ.

من هنا جاءت اجابات جلالته على الأسئلة التي كانت صريحة ومباشرة كي تكشف طيفا واسعا من جدول اعمال جلالة الملك الشخصي والاولويات التي يمنحها وقته وجهده وبخاصة المواطن ومستوى معيشته بما هما الاساس الذي ينطلق منه جلالته في توجيه الحكومات والتي يجب ان يكون الهدف الاستراتيجي لسياساتها هو حماية الطبقة الوسطى وتوسيعها في الوقت نفسه الذي وجّه جلالته الحكومة الحالية بعدم المساس بالطبقة الوسطى وشرائح الدخل المحدود وتوجيه الدعم لها.. ما يستدعي من الحكومة وضع برامج زمنية ومؤشرات قياس لتطبيق خطة تحفيز النمو كي يلمس المواطن الأردني آثارها ويراها على أرض الواقع.

ليس ثمة اوهام لدى جلالته بان الخارج أيّاً كان يمكن التعويل عليه او الاطمئنان الى انه سيكون العامل الرئيس في اخراجنا من بعض الازمات التي تواجه اقتصادنا الوطني ومعظم هذه الازمات والتحديات ناتجة كما يعلم الجميع عن الظروف الاقليمية والدولية الضاغطة التي يتأثر بها اقتصادنا وبالتالي صادراتنا واغلاق الحدود وغيرها مما فرضت استحقاقاتها على النمو الاقتصادي، لهذا كان جلالته متفائلاً بما تم اخيراً على حدودنا المشتركة مع العراق الشقيق عندما أكد جلالته ان إعادة فتح طريبيل سيشكل فرصة لنهوض القطاع الصناعي والتجاري والمالي وزيادة الصادرات الاردنية.

الرسائل التي انطوى عليها حديث جلالته، تكتسب أهمية اضافية سواء في ما خص الاشادة بالنجاح الذي تحقق باجراء الانتخابات المحلية والنيابية خلال عام، بنزاهة وشفافية أنتجا تمثيلاً شعبياً يعد الأكبر في تاريخ الاردن، أم في التاكيد لكل ابناء الوطن بأنه لا يوجد مكان لا تطاوله اجهزتنا الأمنية ولا اي خارج عن القانون لن تصل اليه وليعلم الاردنيون كافة ان هذا قرار لا خطوط حمر فيه او تهاون.

نحن إذاً أمام دعوة حكيمة واضحة وشفافة بأن الكل في هذا البلد معني ومسؤول بتطبيق القانون وان سيادته تترسخ بكفاءة الجهاز القضائي وان اجهزتنا الأمنية بالمرصاد لمن يريد كسر صفو الوطن والمواطن، الأمر الذي يفرض علينا ان نكون على أعلى درجات الحيطة والحذر، وان نكون على مستوى المسؤولية الوطنية والادراك بأن العمل والعمل وحده هو طريقنا لتجاوز الاعتماد على المساعدات وان الرضا عن الانجاز يشكل عن حق حافزاً ورسالة للمزيد وليس القعود والاكتفاء بما تحقق في الوقت عينه الذي طمأن فيه جلالة الملك ابناء شعبه بأننا مُصرّون ونعمل بدأب ومثابرة من أجل تقديم نموذج متميز للإصلاح المستمر في المنطقة.

قراءة جلالة الملك للمشهدين الاقليمي والدولي تبعث على التفاؤل والاطمئنان وبخاصة في تأكيد جلالته على اننا مستعدون وقادرون على التعامل بحزم مع اي خطر ونراقب تحركات الارهابيين والخوارج فضلاً عن ان التطورات الاخيرة على مسار الأزمتين السورية والعراقية تسهم في تقليل الضغط علينا سواء اتفاقية خفض التوتر في سوريا أم في فتح معبر طريبيل، كذلك في ثبات الموقف الاردني ازاء الوقوف الى جانب جميع اطياف الشعب العراقي، فضلاً عن اشارة جلالة الملك اللافتة الى ان الرئيس الاميركي يفكر باسلوب جديد للتعامل مع حلّ القضية الفلسطينية وما لمسه جلالته عن قرب بالتزام اميركي وبدعم جهود الوصول الى حل يضمن السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين وهو أمر ايجابي ومشجّع.