عبدالهادي راجي المجالي
أجزم أن عمان هي العاصمة العربية التي تنتشر فيها المطاعم بكثرة ,فحين تريد مثلا أن تضع على (جوجل) اسم مطعم في عمان على الفور تظهر لك الصور والعنوان واسم الشارع , وكم شخص وضع علامات إعجاب , بالمقابل ضع اسم رابطة الكتاب الأردنيين أو اتحاد الكتاب ...سيظهر لك مجموعة من المقالات عنهم .
نحن نقبل على الطعام بشراهة , وننسى جوانب مهمة في الحياة ...أحيانا اشعر بالحزن الشديد , حين أجد المطاعم التي ولدت على شارع السرو المتجه للسلط ممتلئة عن بكرة أبيها , بالمقابل لم يفكر رب الاسرة يوم الجمعة وهو متجه لها ..بأن يمر مع أولاده ولو لخمس دقائق على منزل وصفي التل , الذي جعلت منه الأمانة متحفا للأردنيين ...كي يجعلهم يشبعون الروح , قبل المعدة .
وفي النهاية , تنتج هذه المطاعم كما هائلا من الأرباح , وتمنحنا كما هائلا من الكوليسترول , وتزداد فضائحها في الصحف ...وترخص بطريقة سهلة جدا ..
لو قارنا بين زيارة مطعم مشهور في عمان , وبين زيارات صرح الشهيد سنكتشف أن المطاعم تتفوق ...ولو قارنا أيضا , بين زيارات متحف الأردن , وزيارات مطاعم البيتزا ...سنكتشف أيضا أن المطاعم تتفوق .
الأسبوع الماضي , قلت في داخلي قبل ذهابنا لطريق السرو , سأجرب أن أصطحب أولادي لمنزل وصفي التل , وفعلت ذلك ..وحين بدأت أسرد لهم الحكاية , والتفاصيل والتاريخ ...استمعوا جيدا , وأصيبوا بالدهشة ...حين قلت لهم أن هذا الرجل قد بنى المنزل بنفسه , وزرع الاشجار الموجودة بيده ...وكان له زوجة , وكان لديه حرس شخصي ..وكان يحب البلد أكثر من أي شيء اخر , وأنه استشهد وهو يدافع عن أحلامنا وصبرنا وحقنا في الحضور والوجود ...فأحسوا بعظمة المكان.
في عمان يوجد وصفي واحد , ويوجد أكثر من ألف مطعم .. يوجد صرح واحد للشهداء ويوجد أيضا , أكثر من (2000) سيخ شاورما , يوجد ..متحف واحد عن الأردن ويوجد أكثر من (5000) صاج فلافل ...وللأسف نترك غذاء الروح والعقل ونتجه للمعدة .
حين تنتشر أزمة البطون ...علينا أن نتوقع بروز جيل الكوليسترول وغياب الروح الوطن