استعرضنا في المقال السابق بعض أهداف الحرب وآدابها في الإسلام, وبينا كيف أن ممارسات التكفيريين تتناقض تناقضاً كلياً وجوهرياً مع أهداف الحرب وآدابها في الإسلام, خاصة نهي الإسلام عن الغدر حتى للعدو المقاتل, بخلاف ما يفعله التكفيريون الذين احترفوا الغدر والغيلة من خلال سياراتهم وأحزمتهم المفخخة وكأن هؤلاء لم يقراوا كتابا واحد من كتب الفقه الإسلامي أو وصية واحدة من وصايا رسول الله وخلفائه عليهم رضوان الله ألم يقرأ هؤلاء التكفيريون على سبيل ما كتبه عمر بن الخطاب عندما سمع أن أحد المجاهدين قال لمحارب لا تخف ثم قتله فكتب الفاروق لقائد الجيش « أنه بلغني أن رجالاً منكم يطلبون العلج حتى إذا اشتد في الجبل وامتنع يقول له « لاتخف» فإذا أدركه قتله, وأني والذي نفسي بيده لا يبلغني أن أحدا فعل ذلك إلا قطعت عنقه» فأين هذا من فعل خوارج العصر الذين يتفننون في الغدر بالناس كل الناس بما فيهم النساء والأطفال والرهبان.
ثم أين هؤلاء من وصايا الخلفاء لجيوش الفتح « لا تفسدوا في الأرض» وهل أكبر فساداً يهلك الحرث والنسل مما نرى في مدن العراق والشام وليبيا ومصر, إلا يخالف هذا كله وصية الخلفاء الراشدين «ولا تصرمن نخلاً ولا تحرقنها ولا تعقروا بهيمة ولا شجرة مثمرة ولا تهدموا بيعة»
ألم يأمر الإسلام بالإنفاق على الأسير « ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً» فأين حرق التكفيرين للأسير حياً, أو قتله ظلما من الأمر الرباني بالإنفاق عليه, فما علاقة هذا الذي تفعله داعش وغير داعش من التنظيمات التكفيرية بالإسلام وبآداب الحرب بالإسلام.
غير مخالفة التكفيرين لآداب الحرب في الإسلام وأهدافها, ومنها حماية الحرية الدينية التي بسببها ظلت البلاد التي حكمها المسلمون قرونا طوال تعج بالكنائس والكنس والمعابد, بما في ذلك معابد الأزيدين والصابئة والمجوس وغيرهم, ولو كان الله يريد فرض الإسلام لتغيرت صور بلاد كثيرة حكمها المسلمون, فحفظوا للناس أديانهم ومعابدهم وأصنامهم وتماثيلهم, أقول غير حماية الحرية الدينية وإزالة الحواجز دون الناس وخياراتهم الدينية فإن التكفيريين في أفعالهم اليومية يخالفون المقاصد الرئيسية للشريعة الإسلامية, وأولها حفظ الدين فكل أعمالهم تسيء للدين, وتقدم صورة مشوهة له, تنفر غير المسلمين منه, وثانيها حفظ النفس وهؤلاء التكفيريون يقتلون النفس التي حرم الله على مدار الساعة,عندما يرسلون سياراتهم المفخخة وأحزمتهم الناسفة لتفتك بمئات النفوس بصورة متكررة, وهم يهلكون النسل عندما يرسلون الأطفال لقتل الأطفال وغير الأطفال بالأحزمة والسيارات الناسفة, وهم بعد ذلك كله ومع ذلك كله لا يحفظون المال, وهم يزرعون الدمار حيثما حلوا, فيدمرون أموال الناس بغير حق, وينفقون أموالهم في غير إعمار الأرض, وهو شرط خلافتها من الله سبحانه وتعالى, وهم بعد ذلك لا يحفضون العقل لأنهم لو أعملوا العقل لما فعلوا هذا الذي يفعلون وكله يتعارض مع العقل
خلاصة القول في هذه القضية أن الفقهاء أجملوا أهداف الحرب وآدابها في الإسلام فأين التكفيريين من هذه الآداب؟ دعونا نرى:
• من أهداف الحرب حماية الحرية الدينية
- فهل هدم التكفيريين للمساجد والحسينات والصوامع والكنائس حماية الحرية الدينية؟
• ومنها منع العدوان
- فهل اعتداء التكفيرين على المسالمين في الأسواق والشوارع منعا للعدوان أم هو العدوان بعينه؟
• ومنها منع الظلم
- فهل إخراج التكفيرين للناس من بيوتهم وقراهم منعا للظلم أم هو الظلم بعينه؟
• ومنها عدم مقاتلة غير المقاتلين
- فهل الخارج عى قوته وقوت عياله إلى أسواق بغداد أو البصرة أو الموصل مقاتل أم أن ما يفعله التكفيريون هو قتل المسالمين الذي نهى الإسلام عنه؟
• ومنها منع إتلاف المال
- أليس تدمير الأحياء والقرى والمدن والأسواق هو الإتلاف بعينه للمال؟
• ومنها منع استمرار القتال ما أمكن
- فأين من هذا إصرار التكفيريين على إطالة أمد الحرب وامتدادها من العراق إلى سوريا إلى مصر إلى ليبيا وإلى حيثما استطاعت أن تصل أيديهم في هذا العالم.
• ومنها الرحمة
- فأين الرحمة في تزنير طفل في حزام ناسف ثم إرساله إلى الموت؟
• ومنها العدل
- وهل من العدل نزع الناس من بيوتهم ونزع النساء من أزواجهم ونزع الأطفال من أسرهم كما تفعل العصابات التكفيرية؟
• ومنها الرأفة بالعدو غير المقاتل
- فأين هم المقاتلون في أسواق حلب وبغداد التي يدمرها التكفيريون على رؤوس من فيها من الأبرياء فهل هذه الرأفة التي أوصى بها رسول الله وأين الرفق بحرمة الأسير وهو يحرق حياً؟
• ومنها الرفق بالحيوان
- وهل بعد قسوة التكفيريين على الإنسان نسألهم عن الرفق بالحيوان؟
• ومنها منع النهب والغلو
- وكيف يستطيعون توقيف النهب ولأجله خرجوا؟
Bilal.tall@yahoo.com
عن التكفيريين وأهداف الحرب في الإسلام وآدابها «2» بخلاف مقاصد الشريعة
10:30 11-2-2017
آخر تعديل :
السبت
مواضيع ذات صلة