كتاب

عن التكفيريين وأهداف الحرب في الإسلام وآدابها «1» كل أنواع الجرائم

تفتح الغارات الباسلة لسلاح الجو الأردني على مواقع عصابة داعش الأرهابية في جنوب سوريا من جديد ملف حمام الدماء الذي تسفكه الحرب الظالمة التي أغرقت أمتنا بها العصابات التكفيرية باسم الإسلام ظلما وعدواناً،بالرغم من أن كل ما فيها يسيء للإسلام، ويتناقض مع تعاليمه، خاصة تعليم الحرب وأهدافها وأخلاقها، كما رسمتها وحددتها نصوص الكتاب والسنة، والممارسة الفعلية لرسول الله وخلفائه من بعده، عليهم رضوان الله، وأول ذلك أن هذه الحرب التكفيرية التي نخوضها هدمت مدناً بما فيها من بيع وكنائس ومساجد يعبد فيها الله،وشردت أناس من أوطانهم، وقتلت عُزل، وخطفت رهباناً، وسلبت أموالاً، واستباحت أعراضاَ، وذبحت على الانتماء الديني،ثم يزعم هؤلاء الذين ارتكبوا كل هذه الفضائع أنهم يريدون إقامة دولة الخلافة، وتنفيذ تعاليم الإسلام، والسير على خطى السلف الصالح، وهو قول باطل، تكذبه أية مراجعة بسيطة لنصوص القرآن الكريم والحديث النبوي والسيرة العملية لرسول الله عليه الصلاة والسلام وخلفائه من بعده كما قلنا في مطلع هذا المقال. كما تكذبه أية قراءة لكتب الفقه، وخاصة في أبواب الجهاد وآداب الحرب وأهدافها في الإسلام، ذلك أن من أول أهداف الحرب في الإسلام حماية الحرية الدينية لكل أصحاب الأديان السماوية وغير السماوية على قاعدة «لا إكراه في الدين» وعلى قاعدة « فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر» وعلى قاعدة « ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين» فإذا كان الله عزوجل رفض أن يقوم رسله بإكراه أحد على الإيمان بغير عقيدته وبما يؤمن به، فكيف يجيز التكفيريون لأنفسهم إكراه الناس على ترك معتقدهم أو مغادرة ديارهم، إلا يكذب التكفيريون في هذه على «الله» الذي سمح لخلقه بحرية الاعتقاد كما نص على ذلك كتاب الله بقوله تعالى « إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصائبين من آمن بالله واليوم الآخر، وعمل صالحاً فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولاهم يحزنون» مثلما أن التكفيريين في هذه ينازعون الله في واحدة اختص نفسه بها، وهي أنه وحده سبحانه وتعالى صاحب الحق في الحكم على صواب اختيارات الناس لعقائدهم لقوله تعالى « لكل جعلنا منكم شرعة ومناهجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم في ما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون».

إن هذه الآيات القرآنية وغيرها كثير تؤكد أن الله عزوجل كفل للإنسان حرية خياراته العقيدية والإيمانية، وهي حرية مسؤولة سيحاسب عليها كل فرد على ضوء خياراته، بعد أن أرسل إليه سبحانه وتعالى رسله دون أن يكلف هؤلاء الرسل بإكراه الناس على الإيمان مختصا نفسه سبحانه وتعالى في الحكم بين عباده يوم الدين، وهذه حقيقة كبرى من حقائق الاعتقاد في الإسلام تفضح زيف التكفيريين وتؤكد أن ممارستهم خاصة ما تعلق منها بالأديان ودور العبادة لا علاقة لها بالإسلام ولا بدولته.

أكثر من كفالة الإسلام لحرية العقيدة للناس جميعا، فإن الإسلام كفل للناس حماية حرية تدينهم وأداء شعائرهم، وحمى معابدهم وصوامعهم وكنائسهم وكنسهم، وقد كانت هذه الحماية هي أول وصايا رسول الله عليه السلام وخلفائه لجيوشهم التي كانت تخرج لحرب المعتدين من ذلك قوله عليه السلام لأفراد جيشه «..ولا تقتلوا وليداً....ولا تقتلوا شيخا فانيا ولا طفلاً ولا صغيراً ولا امرأة « فأين من هذه الوصايا ما يفعله التكفيريون من تدمير البيوت ودور العبادة على من احتمى بها من النساء، والأطفال الرضع، والشيوخ الركع؟ بل أين من وصايا رسول الله فعل الإرهابيين وهم يلبسون الاطفال والنساء الأحزمة الناسفة، ويدفعون بهم لتفجير المستأمنين في الشوارع والأسواق، بل أين فعل هؤلاء التكفيرين من وصية رسول الله لجنده « اغزوا ولا تغلو ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا،طفلاً أو امرأة ولا كبيراً فانياً، ولا منعزلاً بصومعه»، أليس إرسال السيارات المفخخة إلى الاسواق الشعبية، وغير الشعبية فعل يجمع كل الجرائم التي نهى عنها رسول الله، وأولها جريمة الغدر وثانيها التمثيل من خلال النسف الذي يحيل الأجساد إلى أشلاء ممزقة ومقطعة إربا إربا،فكم طفل وامرأة وكبيراً فانياً قتل بالتفجيرات الغادرة،بالأحزمة الناسفة وبالسيارات المفخخة، ثم إن خطف الرهبان والراهبات في معلولة وغيرها، أليس اعتداء على منعزل في صومعة، أخذين بعين الاعتبار أن هذه الوصايا النبوية كانت للجيوش الخارجة لمواجهة أعداء يعدون العدة لاغارة على المسلمين، فكيف إذا تعلق الأمر بمسلم،أوكتابي يشاركني الوطن، جاراً وصديقاً وشريكاً في كل شيء، بل ومستأمناً زائراً لبلادنا كحال المواطنة الكندية التي غدر بها الإرهاب في قلعة الكرك، ثم يزعم التكفيريون أنهم ساعون لإقامة دولة الإسلام، فعن أي إسلام يتحدثون وهم يضربون بوصايا رسوله عرض الحائط ويرتكبون كل أنواع الجرائم التي نهى عنها.

Bilal.tall@yahoo.com