تناولنا في المقال السابق المبررات التي تضمنتها رسالة جماعة عمان لحوارات المستقبل إلى سفراء دول مجلس التعاون الخليجي في عمان، وإلى رؤوساء غرف التجارة والصناعة في تلك الدول،لقيام شراكة اقتصادية بين دول مجلس التعاون الخليجي والأردن وركائز هذه الشراكة وفي هذا المقال نستعرض المقومات التي يمتلكها الأردن والتي تشكل حصته من رأسمال هذه الشراكة، حيث يمتلك الأردن الكثير من هذه المقومات، فإذا كان الأخوة في دول الخليج العربي يمتلكون الفائض المالي نتيجة لعائدات النفط، وهو مصدر الطاقة الذي هو في طريقه إلى النضوب، لتحل محلها مصادر طاقة بديلة يمتلك الأردن الكثير منها، خاصة الطاقة الشمسية حيث تصل نسبة سطوع الشمس في بعض مناطق الأردن إلى أعلى نسبة سطوع في العالم، كما هو في منطقة معان حيث تسطع الشمس 260 يوما في السنة، هذا بالإضافة إلى الرياح القادرة على توليد الطاقة، كما هو في الكثير من مناطق الأردن،مما يوفر مجالاً خصباً للاستثمار في مجالات الطاقة البديلة المختلفة، ناهيك عن الصخر الزيتي والكميات الكبيرة التي يمتلكها الأردن منه، مما يجعل الأردن لاعباً رئيساً في إنتاج الطاقة البديلة في المستقبل القريب، وتؤهله لكي يكون شريكاً اقتصادياً استراتيجياً في الكثير من التكتلات الاقتصادية المنتظرة خاصة في مجال الطاقة.
بالإضافة امتلاكه لمصادر الطاقة البديلة، التي يمكن أن يشكل الاستثمار فيها جزءا من رأس المال الأردني في الشراكة الاقتصادية مع الخليج العربي، فإن الأردن يمتلك ثروات معدنية هائلة، توفر فرص استثمار عظيمة مثل الفوسفات والبوتاس واليورانيوم والصخر الزيتي والنحاس والرمل الزجاجي بالإضافة إلى الذهب. وكلها مكونات استراتيجية لرأسمال الشراكة الاقتصادية المقترحة مع منطقة الخليج.
ومن مكونات رأس المال الأردني في الشراكة المقترحة، التي أشارت إليها رسالة جماعة عمان لحوارات المستقبل، مكون البيئة الطبيعية التي تجعل من الأردن منطقة جذب، ومن ثم أرضية صلبة للاستثمار، حيث يمتاز الأردن ببيئة طبيعية متميزة، تساعده على توفير أجواء مناسبة للمستثمرين وضيوفهم وعائلاتهم، بالإضافة إلى القوى البشرية العاملة معهم، للعمل بجد ونشاط وراحة، ففي الأردن تجتمع في وقت واحد كل فصول السنة، بفضل تنوع المناخ الذي يتمتع به، حيث يتوفر مناخ حوض البحر الأبيض المتوسط المعتدل خاصة في المناطق الجبلية مثل عمان والسلط والمناطق الشفاغورية والسهول كما في شمال الأردن. بالتزامن مع مناخ المناطق الغورية، المنخفضة التي تصلح كمناطق «مشاتي» على امتداد وادي الأردن، بالإضافة إلى المناخ الصحراوي،المعتدل في مناطق البادية الأردنية، التي تشكل جزءً رئيساً من بادية الشام، حيث القصور الصحراوية والمحميات الطبيعية ذات مناخ البادية المريح.
هذا التنوع المناخي في الأردن أنتج نوعاً آخر من التنوع هو التنوع في الغطاء النباتي الذي يقدم للمستثمر فرصتين الأولى فرصة الإقامة أو الإجازة الهانئة والعمل بأجواء مريحة،أما الثانية فهي إمكانية الاستثمار في مجال هذه النباتات، حيث يتوفر في سلسلة جبال الشراه في جنوب الأردن وعلى امتداد جبال عجلون وجرش وصولاً إلى هضبة الجولان الغطاء النباتي الأوروبي، بينما يمتد الغطاء النباتي الطوراني، في الأردن على كامل المناطق الشفاغورية، وتلك المناطق التي يتراوح ارتفاعها عن سطح البحر ما بين 150ـــــ550 متراً، في حين تتوفر نباتات الجزيرة العربية في جميع مناطق الأردن، أما الغطاءالنباتي السوداني الأثيوبي فيتوفر في مناطق الأغوار وخليج العقبة.
هذا الثراء البيئي الذي يمتاز به الأردن يوفر له مكون آخر من مكونات رأسماله في الشراكة المقترحة مع الخليج يتمثل في حزمة كبيرة وثرية من فرص الاستثمار السياحي فيه، حيث تتنوع فرص الاستثمار السياحي، بتنوع أنواع السياحة التي تتوفر للأردن، ففي الأردن فرصة كبيرة للاستثمار في مجال السياحة الدينية حيث مقامات الصحابة وأضرحتهم في مختلف أماكن المملكة، بالإضافة إلى مغطس عماد السيد المسيح عليه السلام بالقرب من نهر الأردن،بالإضافة إلى طريق الحج المسيحي، وعشرات الكنائس التي أقيمت عبر مراحل التارخ المختلفة، والتي تشكل عنصر جذب لمليارات المسيحيين في العالم.
وكما هو شأن السياحة الدينية فإن السياحة العلاجية توفر فرصة كبيرة للاستثمار في الأردن، سواء في منتجعات البحر الميت العلاجية،حيث أعلى نسبة أكسجين في العالم، بالإضافة إلى إمكانية الاستثمار بأملاحه كذلك،أو في شلالات ماعين ومياهها المعدنية وسواها من مواقع المياه المعدنية، التي تشكل أرضية خصبة للاستثمار، بالإضافة للمراكز الصحية الكبرى في الأردن، والتي أصبحت مقصداً لطالبي العلاج من مناطق مختلفة من العالم.
يقود الحديث عن السياحة الدينية بحسب رسالة جماعة عمان لحوارات المستقبل إلى الحديث عن السياحة التأملية في الأردن،التي توفرها العديد من المناطق الأردنية مثل وادي رم، ومنطقة مقام النبي هارون والتي يمكن اسنثمارها اقتصادياً.
كما تتوفر في الأردن فرص استثمار كبرى لسياحة المغامرات، سواء في وادي الموجب أو وادي الهيدان والزارة أو ضانة في الجنوب وبرقش في الشمال.
هذا عدا عن سياحة الآثار حيث البتراء إحدى عجائب الدنيا السبع، وجرش إحدى المدن العشر»ديكابولس» و أم قيس ومدرجها اليوناني، وطبقة فحل و المدرج الروماني في عمان بالإضافة إلى القلاع في الكرك وعجلون والشوبك وغيرها.
مكون آخر من مكونات رأسمال الاردن في الشراكة الاقتصادية المقترحة يتمثل بتوفر العقول والمهارات والخبرات الأردنية، القادرة على رفد الاستثمارات بحاجتها من القوى البشرية المدربة والمؤهلة بكلف أقل من انتقال هذه القوى البشرية إلى بلدان الخليج في حالة إقامة المشروعات الاستثمارية في الأردن مما يعظم العائد للمستثمرين الخليجيين، كذلك فإن الأردن يمتلك بيئة تحتية متميزة من الطرق والموانىء التي تجعل من الأردن بيئة استثمارية متميزة وهكذا فإن الأردن يمتلك العديد من مكونات رأس ماله في الشراكة الاقتصادية المقترحة بينه وبين دول الخليج العربي.
Bilal.tall@yahoo.com
جماعة عمان لحوارات المستقبل والشراكة الاقتصادية الأردنية الخليجية«2»
11:00 4-2-2017
آخر تعديل :
السبت
مواضيع ذات صلة