د. فهد الفانك
يقول مسح عمالي يغطي سنة 2015 ، أجرته دائرة الإحصاءات العامة ونشرت (الرأي) مقتطفات منه أن الاقتصاد الأردني خلق حوالي 77 ألف فرصة عمل جديدة، وفقد 29 ألف فرصة عمل، وبذلك يكون صافي الفرص المستحدثة في سنة كاملة ما يعادل 48 ألف فرصة عمل سنوية.
المعلومة التي تهم الباحثين في هذا المجال هي عدد الداخلين الجدد إلى سوق العمل سنوياً، وهل يزيد عن 48 ألف عامل جديد، مما يعني زيادة عدد العاطلين عن العمل. أم أنه يقل عن 48 ألفاً وبذلك يقل عدد العاطلين عن العمل.
الواضح أن معدل البطالة أخذ في المدة الأخيرة اتجاهاً صعودياً، مما يدل على أن عدد الفرص التي يخلقها الاقتصاد الأردني لا تكفي لتلبية طلبات الباحثين الجدد عن عمل.
يذكر أن سنة 2015 ليست نموذجية، ذلك أن صافي فرص العمل التي كان يتم توليدها سنوياً تتراوح حول 60 ألفاً، مما يفسر ارتفاع نسبة البطالة في السنتين الأخيرتين.
هنا يدخل عامل هام قد يقلب الصورة رأساً على عقب هو حركة العمالة الوافدة من جهة واغتراب الأردنيين للعمل في الخارج وخاصة في دول الخليج العربي.
مما يستحق الذكر أن القطاع العام ما زال محركاً رئيسياً في مجال خلق الوظائف بصرف النظر عن إنتاجيتها، حيث أن حصة القطاع العام تصل إلى 44% في حين لا يولد القطاع الخاص سوى 56% خاصة وأن القطاع الخاص هو الذي يستوعب كل العمالة الوافدة.
هذه النسب ليست صحية، فالمفروض أن القطاع العام متضخم أصلاً ويشكو من الترهل ولا يلزمه المزيد مـن الموظفين، وأن القطاع الخاص صاعد، ويلعب دوراً متزايداً، وبالتالي يولد فرص عمل أكبر. لكن هذا لم يحدث، فما زلنا دولة قطاع عام.
الإحصاءات التي تغطي سوق العمل في الأردن ليس دقيقة، وإمكانية الاعتماد عليها محدودة لسببب بسيط هو ضخامة السوق الموازية أو السوداء أو غير الرسمية، ويقدّر البعض أن هذا القطاع غير المنظور يستوعب ربع القوى العاملة.
وزارة العمل في الأردن تستحق الرثاء، فهي تعمل في الظلام أي في ظل عدم توفر المعلومات، ولا يستطيع وزير العمل أن يعطي أرقاماً محددة بل تقديرات قد تصح أو لا تصح، وقد جاء الوقت لكي نتعلم من الدول الخليجية حيث يملك الوزير الخليجي أرقاما محددة عن عدد الوافدين من كل جنسية، ولديه قاعدة بيانات توضح اسم وجنسية ومكان عمل كل وافد وعنوانه.
رد من النائب خير أبو صعيليك
ورد إلى رئاسة تحرير «الرأي» الرد التالي من النائب خير أبو صعيليك على مقال للدكتور فهد الفانك حول انخفاض المديونية لعام 2017.
لست من هواة السجال والاخذ والرد، غير ان مقالة الدكتور فهد الفانك المنشورة في جريدة الرأي الغراء بتاريخ 26/ 12/ 2016 ولّدت لدي رغبة في الرد بدافع الخشية من ان تتولد حالة من التراخي لدى السلطة التنفيذية التي تدير المالية العامة للدولة .
فقد بنى الكاتب المحترم توقعاته بناء على نسبة نمو اقتصادي متوقعة ومقدارها 5% بالاسعار الجارية مقابل نمو الدين العام بنسبة 3,6% ما يعني ان هناك فرقاً ايجابياً مقداره 1,4 لصالح نمو الناتج الامر الذي يترتب عليه انخفاض نسبة الدين العام , بل زاد الكاتب في توقعاته معتبراً ان انخفاض الدين العام بالارقام المطلقة لعام 2017 هو امر وارد .
من الناحية النظرية يبدو كلام الدكتور الفانك منطقياً و أرغب ان اشاركه هذه النظرية الايجابية ولكن من الناحية العملية فإن تحقيق نسبة نمو مقدارها 3% بالاسعار الثابتة يبدو امراً صعباً في ظل تراجع النشاط السياحي ونقص ملحوظ في القدرة الشرائية لدى المواطن مصحوباً ببطء عملية تحفيز الاستثمار .
لا اريد ان يصاب مدراء المالية العامة في الدولة بحالة من التراخي لان نظرية الدكتور الفانك تفترض عدة فرضيات ايجابية قد يبدو تحقيقها امرا غير واقعي فهو يفترض ان الحكومة ستتقيد بصافي اقتراض القطاع العام والبالغ حوالي مليار دينار كما ورد في الموازنة العامة لعام 2017 وهو يفترض أن معدل التضخم سيكون بحدود 2% مهملاً تذبذب اسعار النفط وهو يفترض ان نسبة النمو بالاسعار الثابتة ستكون 3% .
ارغب كثيراً ان اكون ايجابيا ولكن هذه الايجابية يجب ان يصاحبها الكثير من العمل الجاد والصادق وإنني كمطلع على الشأن الاقتصادي اعتقد ان نظرية الدكتور الفانك قابلة للتحقيق فقط اذا تم تحفيز العملية الاستثمارية من خلال قيام الحكومة وبشكل عاجل بعرض مشاريع استثمارية حقيقية على القطاع الخاص من خلال شراكة حقيقية وفاعلة تعيد بناء الثقة مع هذا القطاع فلا يمكن ان تنخفض المديونية بالصدفة او بالحسابات الرقمية بل انها تنخفض بفعل الوصفة السحرية وهي الاستثمار .