كتاب

نجمة ميلاد أردنية سباعية

1. كم هائل من الحزن والتأثر مرفوقين بالفخر، وثلاثتهم ترافق عيد الميلاد المجيد هذا العام. ولكنّ إلغاء المظاهر الخارجية لا يعني أبدًا إلغاء صلاة العيد، وهي مناسبة رائعة للخوض في جوهر العيد أولاً. وثانيًا لكي تكون الصلاة من أجل السلام والطمأنينة: في بلدنا الحبيب، وفي نفوس الأطفال والعائلات التي صارت تسأل: ما العمل؟ فنقول لهم ونكرّر اليوم: علينا أن ندير بالنا على أنفسنا وعلى وطننا، لكن ليس علينا أن نخاف. فكلنا يعرف أنّ الإرهاب ليس فقط لا دين له، ولكن لا قلب له ولا إنسانية، فكان متوقعًا أن يحدث ما حدث، وهو مناسبة ليس لخلق أو البدء بالوحدة الوطنية، بل بتعزيزها وتقويتها وسقايتها يوميًا بماء الولاء والانتماء.

2. وعلى سيرة الوحدة الوطنية، فخر كبير في صدور المشاركين بإنارة شجرة «الوحدة الوطنية» التي عمرها اليوم ست سنوات، وفي كل سنة تنيرها جمعية خليل السالم الخيرية، مع المركز الكاثوليكي وجمعية نشامى ناعور، علامة على التضامن الإنساني والوطني والاجتماعي، لذلك وضع على وريقاتها الخضراء في ساحة كنيسة اللاتين في ناعور صور التميّز والنجاح الأردني لهذا العام في المجالات الرياضية والتعليمية والفنية.، لنعود في اليوم التالي، ونستبدلها بصور «شهداء قلعة الكرك» الذين زينوا الوطن بأوسمة الشهادة، وبذل الذات، فكانوا أجمل زينة للميلاد هذا العام.

3. أما مطعم الرحمة، فيحتفل هذه الأيام الميلادية بإنارة شمعته الأولى، وهو مداوم 24×7 ولم يغلق أي يوم من العام الماضي، وقدّم وجبات غداء يومية لكل طارق باب من أبناء هذا الوطن أو من دول الجوار الذين بحثوا فلم يجدوًا خيرًا من صدر الأردن الدافيء ليأووا إليه. وفي رمضان تحولت الوجبات إلى إفطار، وزادت المرء فخرًا بوطنه.

4. كسرت قاعدة إلغاء الاحتفالات في قاة مركز سيدة السلام الذي يقدم خدماته الصحية والتعليمية مجانًا للأطفال من ذوي الحاجات الخاصة (أو رسميًا من ذوي الإعاقة). فالحب في العيد يعرف كيف يخترق جدران الحزن، ليقدم بعض الابتسامة لهؤلاء الأطفال الذين جاؤوا مع أهلهم ولا يعرفون ما معنى كلمة اختلاف، فالألم يوحدهم.

5. من لبنان، تأتي في كل عام معايدة رئيس لجنة الحوار الإسلامي المسيحي محمّد السمّاك، ولا بدّ لي من تقديمها بأمانة للقرّاء لما فيها من دلالات:

في ذكرى ولادة السيد المسيح نتذكّر دائمًا أن الخير لا يتوقف عن الولادة..

وأن المحبة أعلى من جدران الفصل العنصري وأقوى من الأسلاك الشائكة..

وأنه رغم ظلمات الفوضى وظلم الإرهاب والقتل، فإن نور الحق يسطع من جديد ليبدّد غيوم الشك واليأس، وليذكرنا دائمًا بأننا نستطيع «أن نجعل من الحب عظيمًا مرة أخرى»! ميلادًا مجيدًا وعامًا سعيدًا.

6. في برلين، يُعاد فتح السوق الميلادي الذي اخترقت جدرانه شاحنة يقودها متهوّر إرهابي، وعادت الناس للتسوّق فيه بعد إطفاء الشجرة الميلادية وغياب مظاهر الزينة، وكانت كذلك صور «شهداء السوق الميلادي البرليني» زينة المكان وسط ورود وشموع وصلاة ودموع، وكأنها تقول بتناغم مع أعمال ترميم الكنيسة البطرسية في القاهرة: أما آن لليل الإرهاب أن ينتهي!

7. رحل قبل ساعات الأب إبراهيم بطارسة كاهن رعية اللاتين في السلط، والمعروف بتخصصه بالتاريخ وفقه اللغة العربية الجزلة. ومن كتاباته حديث حول «المجوس» الذين جاؤوا إلى مغارة بيت لحم. وقال بأنهم جاؤوا من البتراء وليس من مكان آخر ودعم ذلك بعدة أدله. وكان، رحمه الله، من كبار الداعمين للحديث عن الأردن كأرض مقدسة. رحمه الله، ففي يوم الميلاد، ولد في السماء.