د. عميش يوسف عميش
اعلن اللواء عاطف السعودي مدير الامن العام الشهر الفائت اثناء لقائه بمرتبات قوات البادية الملكية القرار بتطوير عمل هذه القوات مع المحافظة على طابعها التاريخي الذي بدأ مع بداية تأسيس الامارة. بحيث تكون بمستوى قيادة امن اقليم البادية الملكية حيث يتبعها ثلاث مديريات شرطة للبادية الشمالية والوسطى والجنوبية ويتبع لكل مديرية عدد من المراكز الامنية ورفدها بالكوادر البشرية واللوجستية بحيث تغطى 80% من مساحة المملكة.
الكثيرون لا يعرفون الا القليل عن نشأة قوات البادية الملكية وواجباتها. فلقد سبق ذلك وفي 1925 تشكيل «قوة الحدود» اثر اندلاع الثورة في سوريا ضد الاحتلال الفرنسي واحداث الحجاز ولجوء العديد من ثوار سوريا للأردن فخشيت حكومة الانتداب من حدوث اضطرابات في شرق الاردن وفلسطين، فقرر المندوب السامي البريطاني المارشال (Plumer) انشاء «قوة حدود شرقي الاردن» وكانت اهدافها , تأمين الحدود الشرقية والجنوبية. و تشديد السيطرة للقضاء على النزعة الاستقلالية للجيش العربي. وقد انشئت قيادتها في الزرقاء عام 1926. كذلك كان لها قاعدة في معان واخرى على الحدود السورية.
كان عددها (700)ثم اصبحت عام 1933 (1041) وكان تمويلها من بريطانيا كجزء من تمويل الجيش الاردني. لكن برهنت قوة الحدود فشلها ولم تنجح في القضاء على الغزوات بين القبائل البدوية داخلياً والامن من الخارج . كما رفضت اوامر الانجليز بقتال العراقيين في العراق لكنها قاتلت الفرنسيين في سوريا. وتم حلها عام 1948.
ومنذ بداية فشل مهمة قوات الحدود قام المغفور له الشهيد الملك المؤسس عبدالله الاول في 1/ 10/
1930 باستدعاء الكابتن (جون باغون كلوب) من العراق للخدمة في الاردن وعين مساعداً للفريق « فردريك بيك باشا» واوكل له تشكيل قوة البادية (Desert Force) واطلق على (كلوب) لقب (ابو حنيك) لتشوه في فكه وكان يجيد العربية واللهجة البدوية وبدء بتجنيد عدد من رجال البادية لتأليف من قوة تحفظ الامن في الصحراء وذلك باستعمال السيارات في تحركاتها ,و الاشراف على بناء عدد من القلاع في الصحراء لتكون مراكز للجنود وسياراتهم وكان سلاح افرادها البندقية الانجليزية (مارك) والمسدس الامريكي ( سميت) (ورشاشات فكرز والهوتشكس) المثبت على السيارات.
وكانت مهمتها منع الاعتداءات المتبادلة بين القبائل العربية ووقف الغزوات العشائرية المتبادلة من الداخل والخارج و تأمين وصول القبائل الاردنية الى مناطق الرعي مثل الجفر ووادي السرحان والازرق و حراسة الحدود مع السعودية وسوريا وانابيب النفط بين العراق وفلسطين بعد اقامة مصفاة بترول في حيفا مروراً بالأراضي الاردنية و حفظ الامن في مناطق شرق سكة حديد الخط الحجازي الاردني.
في عام 1936 تم تشكيل قوة احتياطية. سميت (قوة البادية الميكانيكية) وتألفت من سريتي خيالة ووحدة بادية محمولة. وبداية 1939 تحولت قوات البادية الى ثلاث كتائب. وعام 1986تم تشكيل عدد من سرايا حرس الحدود التي حملت اسم (قيادة حرس البادية وحرس الحدود). وعام 1997 فصلت هذه السرايا والحقت بالقوات المسلحة الاردنية وصدرت الارادة الملكية بإعادة تسميتها «قيادة قوات البادية الملكية».
وقسمت ادارتها لثلاث مناطق: شمالية ووسطى وجنوبية وتتبع كل منطقة ثلاث مقاطعات بادية بني لها (21) مركزاً اضافة الى مجموعة طوارئ مكونة من خمس سرايا ووحدة هجانة تتبع لها سريتان تقومان بمهمة منع التهريب والتسلل ومجمل المساحة التي تغطيها انشطة قوات البادية 82% من مساحة المملكة: لقد تمكنت هذه القوات من التمشي مع التطور الذي وصل اليه جهاز قوات البادية ومواكبته كافة المستجدات التي شهدها الاردن منذ عهد المغفور له الملك المؤسس الشهيد عبدالله الاول ثم المغفور له الملك الحسين ثم جلالة الملك عبدالله الثاني حيث عملت على مدار الساعة للنهوض بمسؤولية كبيرة امنية وانسانية خاصة عمليات الانقاذ كما ساهمت في مزيد من التفاعل بين رجال الامن العام والمجتمع البدوي. لقد ساهمت قوات البادية الملكية: في تعزيز العملية الامنية والتوعية تجاه قضايا هامة مثل: الوعي المروري، والحد من الجرائم والمحافظة على البيئة والامن السياحي ومنع الغزوات بين القبائل في الداخل ومن الخارج.
نعود لإنشاء القلاع والمخافر فكان اولها الرويشد والصفاوي والازرق والجفر والمفرق وعمان وام القطين والموقر والمدورة. حيث كانت لحرس الحدود طول 715 كم مع السعودية و120كم مع سوريا كما تم تدريب افرادها على القراءة والكتابة والتدريب على مختلف الاسلحة والاتصالات اللاسلكية والتي زودت بها وقيادة السيارات.
ان ما اعلنه اللواء السعودي كان بداية لتعزيز دور ومكانة قوات البادية الملكية والنهوض بمنتسبيها ووضع الخطط لتطوير اداءها وتوفير الاحتياجات البشرية والفنية اللازمة للنهوض بتلك القوات لتمكينها من القيام بمسؤوليتها بما يحقق تطلعات القيادة الهاشمية تجاه هذه الوحدة الكفؤ كجزء من اجهزة امتنا وقواتنا المسلحة - الجيش العربي بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني القائد الاعلى. اهدي هذا المقال لروح اول قائد لهذه القوات الرائد المرحوم عاهد السخن وكذلك سيادة الشريف فواز الزبن الذي ساهم بتطويرها بفعالية عالية منذ عام 1983. كذلك جميع القادة الذين تبوأوا قيادة قوات البادية الملكية.
