خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

محنة الكرامة الإنسانية في مشهد الطحن المغربي

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
سامح المحاريق عبرت رياح الربيع العربي المغرب قبل سنوات وغادرتها دون أن تتمكن من تثوير الشارع الذي أظهر تجاوباً كبيراً لوجبة كبيرة من الإصلاحات السياسية، ومع ذلك فإن حادثة فرم أحد المواطنين في شاحنة التخلص من القمامة تضع التجربة المغربية أمام تحديات خطيرة يمكن أن تتمدد لتمثل بداية الموجة الثانية من الربيع العربي خاصة بعد أن سادت قناعة واسعة بأن الاحتمالات الجارية في دمشق أجهضت نهائياً أثر الدومينو الذي بدأ مع الصفعة التي تلقاها التونسي محمد البوعزيزي في ظهيرة 17 كانون أول 2010.

كانت الشرطية فادية حمدي وراء شرارة الثورة في تونس، وتصرفها السلطوي كان يعبر عن قناعتها بأن الأجهزة الأمنية يمكنها أن تعمل خارج القانون، بل وأن هذه الأجهزة تمتلك القانون، وهذه العقلية لم تتغير في تونس وغيرها من الدول العربية، والمؤسف أن حمدي حصلت على البراءة من المحكمة ضمن ملابسات غير مفهومة وإن عبرت عن شيء فإنها تدلل على وجود قناعة لدى المجتمع بأن تجاوزات الشرطة على حقوق الإنسان وكرامته من الاعتيادية والتكرار بحيث لا يمكن أن تدفع إنساناً عاقلاً للانتحار!

كان الحديث في المغرب يدور عن الإصلاح السياسي دون أن يتجه للتركيز على تأسيس ثقافة جديدة تتعلق بحقوق الإنسان خاصة ضمن الممارسات الأمنية، وفي الأردن بالمقابل، كان الإصلاح السياسي يتعثر بينما شهدت المملكة اهتماماً متزايداً بضبط أية تجاوزات أمنية، وتجنبت باستثناء حالات قليلة الاحتكاك مع الفعاليات السياسية والاحتجاجية المختلفة.

هل يمكن أن يكون التأمل في الحالتين المغربية والأردنية مدخلاً لتفهم الاحتياجات الخاصة بالمجتمعات العربية، وأولوية صيانة حقوق الإنسان وكرامته على الإصلاح السياسي الذي ربما ينحصر في بعض الحالات من خلال استبدال وجوه القائمين على السلطة دون أن يرتبط ذلك بسلوك السلطة نفسها تجاه مواطنيها.

الإصلاح السياسي يفترض أن يكون مدخلاً لترويض الثقافة الأمنية وتعزيز حقوق الإنسان، كما أن الانطلاق من حقوق الإنسان سيؤدي في النهاية لإصلاح سياسي، فالإنسان الذي يأمن على كرامته وسلامته سيطور وسائله في المشاركة والتأثير.

الأغلبية يمكنهم أن يختصروا بنوداً كثيرة من مائدة الطعام، وأن يخففوا من استهلاكهم للبنزين، أو يدفعوا ضرائب إضافية، ولكن لم يعد كثيرون يعتبرون الصفعة على الوجه أمراً مقبولاً، ولا حتى التطاول اللفظي من أي موظف في الدولة، وهذه الحقيقة تغيبت عن رجال الأمن في كثير من الدول العربية ممن تسرعوا واعتبروا أن الشارع يمكنه أن يغض النظر عن المخالفات والتجاوزات من أجل الاستقرار والسلم الأهلي.

غالباً ما سيتمكن الملك محمد السادس من التعامل مع الموقف الذي بدأ يسلك في منعطف عنصري خاصة أن الشهيد فكري من الأقلية الأمازيغية في المغرب، ولكن يجب التوقف في كل مكان عند مسألة كرامة الجسد والوجود الإنساني في إطار أية ممارسات مجتمعية أو سياسية، فحتى من يصعد إلى حبل المشنقة لجريمة ارتكبها فإن له أن يحصل على الفرصة ليفعل ذلك بكرامته الكاملة دون أن يطاله تعذيب أو إهانة أو تحقير.

الكرامة الإنسانية مفهوم ممتد، ولكن يوجد فرق بين عدم تمكينها من الوصول إلى الاكتمال من خلال توفير العمل الشريف أو العلاج المناسب، وبين أن يتم الاعتداء عليها والاستهانة بها وبما يجعل الإنسان نفسه غير آمن على نفسه من السحق والطحن بأمر شفهي من ممثل السلطة أمام المجتمع.
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF