عبدالهادي راجي المجالي
حتى لحظة كتابتي هذا المقال , لم يخرج رئيس الوزراء في مؤتمر صحفي ..ويشرب كوب ماء , ويهدد كل من تسول له نفسه بتخريب العرس الديمقراطي , أيضا لم يظهر وزير الداخليه بشماغه المهدب ..ويذكرنا بأغنية :- ( هدبتلي شماغ الاحمر وبيدها غزلت علم) ..ويتحدث عن اجرءات أمنية صارمة , لم يخرج مسئول أمني رفيع ويؤكد أن قوى خارجية حاولت تخريب العرس ..
هذا يعني أن الحكومة احترمت الهيئة المستقلة للإنتخابات , وتركتها تدير العملية بناء على ما تملكه صلاحياتها , وما فعلته هو قيامها بحماية سريان المشهد ..لم يكن هناك إيقاق لنائب دفع مالا سياسيا , ولم يكن هناك كيدية ...ولم يكن هناك احتكار من وزارة الداخلية للمشهد ...بمعنى أن وزير الداخلية راقب الأمور من مكتبه , دون أن يصرح للإعلام الخارجي , ودون كاميرات وإضاءة .
هذا يدل , على أنها المرة الأولى التي تكون فيها الهيئة المستقلة للإنتخابات مستقلة بالمعنى الحقيقي للكلمة , وهي المرة الأولى التي لن يجرؤ أحد على الحديث عن تدخل للمخابرات ..أو ضغط من الحكومة , أو تزوير مبرمج ..
لقد دخلت أغلب مراكز الإقتراع في الكرك , كل شيء أمامك ..عملية التصويت تتم أمامك , وعملية الفرز ..تتم بشفافية , والنتائج تسجلها على ورقتك وتمضي ..
نستطيع القول أن الملقي سيمضي في إعادة تشكيل الحكومة , كونه التزم بما وعد فهو لم يمارس السلوك المتوحش في جعل سطوة الحكومة أعلى من سطوة الهيئة ..والأمر الأكثر أهمية من كل ذلك ..أن رئيس الهيئة خالد الكلالدة فهم اللعبة مبكرا ومشى في تناغم تام بينه وبين الحكومة ..
حين تكتب عن مفصل تاريخي مهم من حياة الدولة , وفي اللحظة التي يتحدث فيها الملك من نيويورك ..وتلتزم أجهزة الدولة , بخطابه تماما وتسير العملية بمثل ما التزم جلالته للعالم ..علينا أن نقدم شهادتنا في هذه الأجهزة وفي مؤسسات البلد ..علينا أن نعترف , أن الأردن بالرغم من كل أزماته ..ما زال دولة تحترم مؤسساتها ..وتتعلم من أخطائها , والأهم أنها دولة تحترم عقول مواطنيها ..
هذه المرة الأولى في تاريخ الأردن والتي لن يجرؤ أحد على القول :- الدولة بدها فلان أو دعمت فلان ...